وقوله: ﴿فَيَكِيدُوا﴾ منصوب على جواب النهي.
﴿لَكَ كَيْدًا﴾: انتصاب قوله: ﴿كَيْدًا﴾ على المصدر، وهو مصدر مؤكد كالذي في قولك: ضربت زيدًا ضربًا. وفي اللام في ﴿لَكَ﴾ وجهان:
أحدهما: مزيدة كالتي في قوله: ﴿رَدِفَ لَكُمْ﴾ (١) لأنَّ هذا الفعل يتعدى بنفسه بشهادة قوله: ﴿فَكِيدُونِي﴾ (٢).
والثاني: ضَمَّن في ﴿فَيَكِيدُوا﴾ معنى فعل يتعدى باللام ليفيد معنى فعل الكيد مع إفادة معنى الفعل المُضَمَّنِ فيكون آكد وأبلغ في التخفيف، أي: فيحتالوا لك (٣)، فـ ﴿لَكَ﴾ على هذا من صلة ﴿فَيَكِيدُوا﴾، وقد جوز أن يكون صفة قُدِّمَتْ فصارت حالًا (٤).
﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦)﴾
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ﴾ محل الكاف النصب على أنَّه نعت لمصدر محذوف، أي: اجتباء مثل ذلك الاجتباء، والاجتباء: الاصطفاء، افتعال من جبيت الشيء، إذا حصلتَهُ لنفسك، ومنه: جبيت الماء في الحوض، إذا جمعته فيه.
وقوله: ﴿يَجْتَبِيكَ﴾ قيل: كلام مبتدأ غير داخل في حكم التشبيه، كأنه قيل: وهو يعلمك ويتم نعمته عليك.
وقوله: ﴿كَمَا أَتَمَّهَا﴾ الكاف في موضع نصب على النعت لمصدر
(٢) سورة هود، الآية: ٥٥.
(٣) اقتصر الزمخشري ٢/ ٢٤٢ على هذا الوجه.
(٤) جوزه العكبري ٢/ ٧٢٢.