صادفنا، وإن قدرت بمعنى علمنا كان مفعولًا ثانيًا، وكلاهما يحتمل هنا.
وقوله: ﴿مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ﴾ حُذفَ مفعول وعد تخفيفًا لدلالة ﴿وَعَدَنَا﴾ عليه، أي: وعدكموه.
و﴿نَعَمْ﴾: حرف يجاب به عن الاستفهام في إثبات المستفهم عنه، إذا قيل لك: أيقوم زيد؟ فتقول: نعم، ونونه وعينه كلاهما مفتوح.
وقرأ الكسائي: (نَعِم) بفتح النون وكسر العين حيث وقع في جميع القرآن (١)، وهما لغتان حكاهما أبو الحسن (٢).
وقوله: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ﴾ (بينهم) ظرف لـ (أَذَّنَ)، ولك أن تجعله نعتًا لمؤذن.
وقرئ: (أنَّ لعنةَ الله) بالتشديد والنصب (٣)؛ لأنَّ (أَذَّنَ) بمعنى أعلم.
قال أبو علي: قال سيبويه: أذَّنتُ إعلامٌ بتصويت، و (أَنَّ) التي تقع بعد العلم إنما هي المشددة أو المخففة عنها، والتقدير: أَعْلَمَ مُعْلِمٌ أَنَّ لعنةَ الله، انتهى كلامه (٤).
وقرئ: بالتخفيف والرفع (٥) على أنها المخففة من الثقيلة، ولا تخفف أن هذه إلَّا وإضمار الشأن والحديث معها، أي: فأذن مؤذن بينهم أنَّه لعنة الله.

(١) انظر قراءة الكسائي وحده من العشرة في السبعة/ ٢٨١/. والحجة ٤/ ١٩. والمبسوط/ ٢٠٩/. والنشر ٢/ ٢٦٩.
(٢) حكاها عنه الفارسي في الحجة ٤/ ١٩. وفيه من قول أبي الحسن: أن القراءة الفتح.
(٣) من المتواتر، وقرأ بها الابنان، وحمزة، والكسائي، وخلف. انظر السبعة/ ٢٨١/. والحجة ٤/ ٢٢. والمبسوط/ ٢٠٩/. والنشر ٢/ ٢٦٩.
(٤) الحجة ٤/ ٢٣. وانظر كتاب سيبويه ٤/ ٦٢.
(٥) (أَنْ لعنةُ الله) وهي قراءة الباقين من العشرة ورواية عن قنبل عن ابن كثير. انظر مصادر القراءة السابقة.


الصفحة التالية
Icon