قيل: وقرئ: (كذبًا) بالنصب (١)، وفيه وجهان، أحدهما: في موضع الحال من الضمير في ﴿وَجَاءُوا﴾ بمعنى: وجاؤوا كاذبين، والثاني: مفعول من أجله.
وقرئ أيضًا: (بِدَمٍ كَدِبٍ) بالدال غير المعجمة مكسورة (٢)، وفيه وجهان، أحدهما: بدمٍ كَدِرٍ، والكدر: خلاف الصفو، يقال: كَدِرَ الماء بالكسر يَكْدَرُ كَدَرًا فهو كَدِرٌ (٣). والثاني: بدم طري.
وقال أبو الفتح: أصله من الكدب وهو الفُوف، أعني البياض الذي يخرج على أظفار الأحداث، كأنه دم قد أثر في قميصه، انتهى كلامه (٤). [و] قد شُبِّهَ الدم في القميض بالبياض الذي في الظفر من جهة اختلاف اللونين.
قيل: وقرئ أيضًا: (بِدَمِ كَدْبٍ) على الإضافة وبفتح الكاف وبالدال غير المعجمة ساكنة، على معنى: بدم جدي، كذا وجدت في بعض الكتب (٥).
وقوله: ﴿سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ﴾: أي: زينته لكم وهونته في أعينكم.
وقوله: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ خبر مبتدأ محذوف، أي: فأمري أو فشأني
(٢) هذه قراءة الحسن كما في المحتسب ١/ ٣٣٥. والنكت والعيون ٣/ ١٥. والمحرر الوجيز ٩/ ٢٦٤. والإتحاف ٢/ ١٤٢. ونسبها الزمخشري ٢/ ٢٤٦ إلى السيدة عائشة - رضي الله عنهما -. وعزاها ابن الجوزي ٤/ ١٩٣ إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - وأبي العالية أيضًا.
(٣) و (كَدْرٌ) بتحريك الدال أو تسكينها. كذا في الصحاح (كدر).
(٤) المحتسب ١/ ٣٣٥. وفي القاموس أن الدال من (الكدب) مثلثة.
(٥) لم أجد من ذكر هذه القراءة بهذا الضبط. وقد وردت الرواية عن كثير من المفسرين أنهم قالوا في (دم كذب) أي دم سخلة. انظر جامع البيان ١٢/ ١٦٣. وفي زاد المسير ٤/ ١٩٣ قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:
أخذوا جديًا فذبحوه، ثم غمسوا قميص يوسف في دمه | ولم أجد في كتب اللغة التي بين يدي من ذكر أن (كدْب) بمعنى (جدي). |