وقيل: إنما جعل جواب لولا محذوفًا يدل عليه (هم بها) دون (همَّ بها)، يعني: أن يكون هو الجواب مقدمًا، لأن (لولا) لا يتقدم عليها جوابها من قِبَلِ أنه في حكم الشرط، وللشرط صدر الكلام، وهو مع ما في حيزه من الجملتين مثل كلمة واحدة، ولا يجوز تقديم بعض الكلمة على بعض، وأما حذف بعضها إذا دل الدليل عليه فجائز.
وقيل التقدير: لولا أن رأى برهان ربه لخالطها، فيكون قوله: (همَّ بها) على هذا من حيز القسم وداخلًا تحت حكمه فاعرفه.
و(أن) بعد ﴿لَوْلَا﴾ في موضع رفع بالابتداء، وخبره محذوف، أي: لولا أن رأى برهان ربه في ذلك الوقت، أو في ذلك المكان لأمضى ما هم به.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ محل الكاف الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر مثل ذلك، أو النصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: ثبتناه تثبيتًا مثل ذلك التثبيت، واللام من ﴿لِنَصْرِفَ﴾ من صلة هذا المحذوف.
فإن قلت: بأي شيء تتعلق اللام على الوجه الأول؟ قلت: بمحذوف أيضًا تقديره: فعلنا في حقه ما فعلنا لنصرف عنه السوء، وهو خيانة سيده، ﴿وَالْفَحْشَاءَ﴾: الزنا على ما فسر (١).
وقوله: (إنه من عبادنا المُخْلِصِين) قرئ بكسر اللام على البناء للفاعل (٢)، والمفعول محذوف، أي: من الذين أخلصوا أعمالهم أو أنفسهم لعبادة الله، ويعضده: ﴿وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ﴾ (٣).

(١) انظر معاني الزجاج ٣/ ١٠٢. ومعاني النحاس ٣/ ٤١٥. والكشاف ٢/ ٢٥٠. وزاد المسير ٤/ ٢١٠.
(٢) قرأها الابنان، والبصريان في جميع القرآن كما سيأتي.
(٣) النساء (١٤٦).


الصفحة التالية
Icon