وقوله: ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ قيل: وعلى أعراف الحجاب وهو السور المضروب بين الجنة والنار، وهي أعاليه، واحدها: عرف، استعير من عُرف الفرس، وعُرف الديك (١).
وقوله: ﴿يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ﴾ في موضع الرفع على النعت لـ ﴿رِجَالٌ﴾.
قيل: يعرفون كلًّا من زمر السعداء والأشقياء بسيماهم، أَمَّا أهل الجنة: فبإسفار الوجوه، وأما أهل النار: فباسوداد الوجوه (٢).
وقوله: ﴿وَنَادَوْا﴾، الضمير لـ ﴿رِجَالٌ﴾، أي: نادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنة، ﴿أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾ (أن): تحتمل أن تكون مخففة من الثقيلة واسمها محذوف، وموضع الجملة نصب بـ ﴿وَنَادَوْا﴾ أي: بأنّه، وأن تكون مفسرة بمعنى: أي، كاللتين سبقتا قبيل (٣).
وقوله: ﴿لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾ يعني أصحاب الأعراف، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره (٤). واختلف في محله:
فقيل: لا محلّ له لأنه استئناف، كأن سائلًا سأل عن حال أصحاب الأعراف، فقيل: ﴿لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾ يعني حالهم أن دخولهم الجنة استأخر عن دخول أهل الجنة، فلم يدخلوها لكونهم محبوسين وهم يطمعون لم ييئسوا.
وقيل: محله الرفع بالصفة لرجال (٥).
قلت: ويجوز أن يكون محله النصب على الحال من ﴿رِجَالٌ﴾ لكونهم قد

(١) الكشاف ٢/ ٦٤.
(٢) أخرجه الطبري ٨/ ١٩٤ - ١٩٥ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ومجاهد، والسدي، وقتادة. وانظر معاني الزجاج ٢/ ٣٤٣. وإسفار الوجوه: بياضها.
(٣) وذلك في قوله تعالى: ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنَا﴾. وقوله: ﴿أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ﴾ من الآية (٤٤).
(٤) أخرجه الطبري ٨/ ١٩٦. وفيه عن آخرين أنهم أهل الجنة، وسوف يذكره المؤلف بعدُ.
(٥) القولان للزمخشري ٢/ ٦٤.


الصفحة التالية
Icon