بعده، وذلك إشارة إلى يوسف - عليه السلام -: قيل: وإنما قالت: ﴿فَذَلِكُنَّ﴾ ولم تقل: فهذا، وهو حاضر، تعظيمًا له ورفعًا لمنزلته في الحسن، أو يكون إشارة إلى المَعْنِيِّ بقولهم: عَشِقَتْ عبدها الكنعاني، فقالت: هو ذلك العبد الكنعاني الذي لمتنني فيه، أي: في حبه والشغف به (١).
وقوله: ﴿فَاسْتَعْصَمَ﴾ أي: فامتنع وطلب العصمة مما لا يليق بمثله، والاستعصام: طلب العصمة، كأنه في عصمة وهو يجتهد في الاستزادة منها على دأب مثله.
وقوله: ﴿وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ﴾ في (ما) وجهان:
أحدهما: موصولة، وفي الكلام حذفان، حَذْفُ جارٍّ، وحَذْفُ ضميرٍ، أي: ما آمر به، والأصل: ما آمره به، فحذف الجار كما حذف في قوله تعالى: ﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ﴾ (٢)، وقوله:
٣٣١ - أمَرْتُكَ الخَيْرَ................................. (٣)
فصار ما آمرهوه، فاجتمع الضميران متصلين، أعني أحدهما بالآخر، فاستثقل اجتماعهما، فحذف الأول من الصلة، كما حذف من قوله تعالى: ﴿أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا﴾ (٤).
والثاني: مصدرية. وهي في كلا التقديرين في موضع نصب بقوله: ﴿لَمْ يَفْعَلْ﴾ أي: ولئن لم يفعل أمري إياه، أي: موجب أمري ومقتضاه.
والضمير البارز في قوله: ﴿مَا آمُرُهُ﴾ راجع إلى (ما) على الوجه الأول، وإلى يوسف - عليه السلام - على الثاني فاعرفه.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١٥٥.
(٣) تقدم هذا الشاهد عدة مرات، انظر أولها رقم (١٨).
(٤) سورة الفرقان، الآية: ٤١.