وقرئ أيضًا: (دَخَلوا) (١) على الخبر مسمَّى الفاعل، وقد مع هاتين القراءتين مرادة، أي: قد أدخلوها، أو: قد دخلوها.
وقوله: ﴿لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ محلّ الجملة النصب على الحال من الضمير في ﴿ادْخُلُوا﴾ على قراءة الجمهور، أي: ادخلوها آمنين.
وكذا في قراءة من قرأ: (أُدخِلوا)، أو: (دخَلوا) على الخبر إذا أُضمر القول، أي: أدخلوها، أو دخلوها مقولًا لهم هذا الكلام الذي هو لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، ثمَّ حذف القول، وهو منصوب على الحال، وأقيم مقامه قوله: ﴿لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ فانتصب انتصابه، كما أن قولهم: "كَلَّمْتُهُ فاه إلى فيَّ" منصوب على الحال؛ لأنه ناب عن "جاعلًا فاه إلى فيَّ"، أو لأنه وقع موقع "مشافهةً" التي هي نائبة عن مشافهًا له، وهذا قول أبي الفتح (٢).
وإضمار القول كثير شائع مستعمل في كلام القوم نظمهم ونثرهم قال:
٢٢٥ - رَجُلانِ من ضَبَّةَ أَخْبرانا | إِنا رَأينا رَجُلًا عُرْيانًا (٣) |
ويحتمل أن يكون قوله - عز وجل -: ﴿لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾ كلامًا مستأنفًا لا يحتاج فيه إلى إضمار القول، لكن استأنف الله جل ذكره خطابهم، فلا محلّ لها من الإِعراب على هذا من حيث كانت مستأنفة مرتجلة، فاعرفه.
{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا
(٢) المحتسب ١/ ٢٥١.
(٣) لم أجد من نسبه، وانظره في معاني الفراء ١/ ٣٥٦ و ٢/ ٤١٢. والخصائص ٢/ ٣٣٨. والمحتسب ١/ ٢٥٠. والدر المصون ٢/ ١٢٥. والمغني رقم (٧٦٤).