﴿اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿اللَّهُ يَعْلَمُ﴾ ابتداء وخبر، وهو كلام مستأنف منقطع عما قبله، وقيل: اسم الله خبر مبتدأ محذوف متصل بما قبله مفسر لـ ﴿هَادٍ﴾ على الوجه الأول، أي: هو الله، ثم ابتُدِئ فقيل: ﴿يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى﴾ (١).
و(ما) في قوله: ﴿مَا تَحْمِلُ﴾ يحتمل أن تكون موصولة ومحلها نصب بـ ﴿يَعْلَمُ﴾، و ﴿تَحْمِلُ﴾ صلتها، وعائدها محذوف من صلتها، أي: تحمله، على معنى: يعلم ما تحمله من الولد على أي حال هو من الذكورة والأنوثة، والحسن والقبح، وغير ذلك من الأوصاف. وأن تكون مصدرية في موضع نصب أيضًا بـ ﴿يَعْلَمُ﴾ على معنى: يعلم حمل كل أنثى. وأن تكون استفهامية في موضع نصب بـ ﴿تَحْمِلُ﴾، أو في موضع رفع بالابتداء، والخبر ﴿تَحْمِلُ﴾ على تقدير حذف الضمير من الخبر، والجملة في موضع نصب بـ ﴿يَعْلَمُ﴾ (٢).
وقوله: ﴿وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ﴾ عطف عليها (٣)، وحكمها في الإعراب والتقدير حكمها، على معنى: ويعلم ما تَغيضه الأرحامُ، أي: تنقصه، يقال: غاض الماء يغيض غيضًا، إذا قل ونضب، ﴿وَغِيضَ الْمَاءُ﴾ (٤) فُعل به ذلك، وغضته أنا، يتعدى ولا يتعدى، وكلاهما يحتمل هنا. أو يعلم غَيْضَ الأرحامِ. أو وأي شيء تغيض؟ أو وأي شيء تغيضه؟

= للاستدلال على الوجه الثاني. انظر جامع البيان ١٣/ ١٠٦. والدر المنثور ٤/ ٦٠٨. وروح المعاني ١٣/ ١٠٨.
(١) انظر هذا الوجه في الكشاف ٢/ ٢٨٠ - ٢٨١.
(٢) انظر الأوجه الثلاثة مجتمعة في المحرر الوجيز ١٠/ ١٦ أيضًا.
(٣) يعني (ما) هنا معطوفة على (ما) التي قبلها.
(٤) سورة هود، الآية: ٤٤.


الصفحة التالية
Icon