مفعولًا، أي يُغْشي أو يُغَشّي اللهُ الليلَ النهارَ، فالفاعل في المعنى من أحد المفعولين هو الليل؛ لأنه المفعول الأوّل، كما تقول: أغشيت زيدًا عمرًا، فالفاعل هو زيد؛ لأنه الغاشي، وعمرو هو المفعول؛ لأنه المغشي، وأعطيت محمدًا بكرًا، فمحمد هو الآخد، وبكر هو المأخوذ، وفي الكلام حذف دل عليه المعنى، أي: يغشي الليل النهار، ويغشي النهار الليل، لأنَّ كل واحد منهما يغطي صاحبه.
وتعضد الثاني قراءة من قرأ: (يَغْشَى الليلَ النهارُ) بفتح الياء والشين ونصب الليل ورفع النهار، وهو حميد بن قيس (١)، فالليل والنهار يتعاقبان، وكل واحد منهما وإن أزال صاحبه فإن صاحبه أيضًا مزيل له، فكل واحد منهما على هذا فاعلٌ وإن كان مفعولًا، ومفعولٌ وإن كان فاعلًا، فاعرفه فإن موضع وتصرف سيبيّ (٢).
وقوله: ﴿يَطْلُبُهُ حَثِيثًا﴾ (يطلبه) حال من ﴿اللَّيْلَ﴾ على قراءة الجمهور، أي: يُغشي الليل النهار طالبًا له، أو من ﴿النَّهَارَ﴾ لما ذكرت آنفًا من أن كل واحد منهما مزيل لصاحبه.
وعلى قراءة حميد: بدل من قوله: (يغشى الليل النهار) على وجه التوكيد، وهذا قول أبي الفتح (٣).
قلت: ويجوز أن يكون حالًا من ﴿النَّهَارَ﴾، لأنه الفاعل، أي: يغطيه في هذه الحال، و ﴿حَثِيثًا﴾ بدل من (طالبًا) المقدر، أو نعت لمصدر
(٢) تقدم تفسير هذه النسبة.
(٣) المحتسب ١/ ٢٥٣.