وقرئ: (لَه مَعاقِيبُ) (١) وهو تكسير مُعَقِّبٍ أو معقبة على الوجهين، والياء فيه عوض من إحدى القافين، كما قيل في جمع مُقدِّم: مقاديم، وليس التعويض بِضَرْبَة لازم، فلك أن تقول: معاقب كما قيل: مقادم (٢).
وقوله: ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ يحتمل أن يكون من صلة ﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾، وأن يكون من صلة محذوف على أن تجعله صفة لمعقبات، أو حالًا من المنوي فيها، وأن يكون من صلة ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾. و ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾ صفة، لمعقبات، أي: له معقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، أي: من بين يدي الإنسان.
وإن جعلت، ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ من تتمة ﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾ جاز أن يكون ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾ صفة لمعقبات، وأن يكون حالًا من المنوي في الظرف والعامل الظرف نفسه، أو المقدر في ﴿مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ من معنى الاستقرار.
وقوله: ﴿مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ في محله وجهان:
أحدهما: الرفع على أنه صفة للمرفوع الذي هو ﴿مُعَقِّبَاتٌ﴾، والتقدير: له معقبات من أمر الله يحفظونه مما يخافه، وهو قول أبي الحسن - رحمه الله - (٣).
والثاني: النصب على أنه من صلة ﴿يَحْفَظُونَهُ﴾، كقولك: حفظت زيدًا من الأسد، فقولك: (من الأسد) منصوب الموضع، لأنه مفعول (حفظت)، كأنه قيل: يحفظونه من أجل أمر الله، أي: من أجل أن الله تعالى أمرهم بحفظه، تعضد هذا الوجه - وهو أن يكون في محل النصب متعلقًا بالحفظ - قراءة من قرأ: (يحفظونه بأمر الله) (٤)، أي: يحفظونه من حوادث الدهر ومخاوفه بأمر الله، وهم علي بن أبي طالب، وابن عباس، وعكرمة، وزيد
(٢) انظر المحتسب الموضع السابق.
(٣) كذا في المحتسب ١/ ٣٥٥ حكاه عنه أبو الفتح.
(٤) سوف يخرجها المؤلف بعدُ.