وكل دعاء إليه دعوة الحق، على معنى: دعوة المدعو الحق، لأن دعاءه يجاب ودعاء غيره لا يجاب.
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾ مبتدأ خبره ﴿لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ﴾ والمعنى: والآلهة الذين يدعوهم الكفار من دون الله لا يستجيبون للكفار بشيء من طلباتهم، أو بالعكس، أي: والكفار الذين يدعون الآلهة من دون الله لا يستجيب الآلهة لهم بشيء من الإجابة، والفاعل في ﴿يَدْعُونَ﴾ على الوجه الأول - وهو الواو - ضمير الكفار، والعائد إلى الموصول من الصلة محذوف، وهو مفعول ﴿يَدْعُونَ﴾ المحذوف، وهو ضمير المعبود المذكور في قول: والآلهة الذين يدعوهم الكفار، فحذف حذفًا لطول الإسم بالصلة، كما حذف في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ (١)، أي: تدعونهم، وإنما جمعهم جمع من يعقل على اعتقادهم فيها. والعائد إلى الموصول على الوجه الثاني فاعل الفعل الذي ﴿يَدْعُونَ﴾ وهو الواو في ﴿يَدْعُونَ﴾، ومفعول ﴿يَدْعُونَ﴾ محذوف، وهو المعبود المذكور في قول: والكفار الذين يدعون الآلهة من دون الله.
وقوله: ﴿إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ﴾ (إلا) حرف استثناء، ومحل الكاف النصب على أنه نعت لمصدر محذوف، والمستثنى منه ﴿لَا يَسْتَجِيبُونَ﴾، والتقدير: لا يستجيبون لهم بشيء من طلباتهم إلا استجابة [مثل استجابة] باسط كفيه، والمصدر المحذوف المقدر المذكور آنفًا في التقدير مضاف إلى المفعول من غير أن يذكر معه الفاعل، كقوله تعالى: ﴿لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ (٢)، أي: من دعائه الخير، وفاعل هذا المصدر مضمر مراد،
(١) سورة الأعراف، الآية: ١٩٤.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٤٩.