خبره، وهو: (ومما توقدون)، أو بالظرف على رأي أبي الحسن.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ﴾ محل الكاف النصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: ضربًا مثل ذلك الضرب.
وقوله: ﴿فَيَذْهَبُ جُفَاءً﴾ انتصاب قوله: ﴿جُفَاءً﴾ على الحال من المستكن في ﴿فَيَذْهَبُ﴾، أي: باطلًا مطروحًا، يقال: جَفَأَ الوادي يَجْفَأُ جَفْئًا، إذا رمى بالوسخ، وكذلك القِدْر إذا رمت بزبدها عند الغليان، وأَجفَأَتْ لغية فيه (١). والجفاء مثل الغُثاء: والغثاء: ما يحمله السيل، غير أن همزة الجفاء أصلية، وهمزة الغثاء منقلبة.
والجفال أيضًا: ما نفاه السيل. يقال: أجفل السيل كأجفأ، قيل: وفي قراءة رؤبة بن العجاج: (جُفَالًا) (٢). وعن أبي حاتم: لا يُقرَأ بقراءة رؤبة، لأنه كان يأكل الفأر (٣).
﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى﴾ فيه وجهان:
أحدهما: كلام مستأنف، و ﴿الْحُسْنَى﴾ رفع بالابتداء، و ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا﴾ الخبر، أي: للذين أجابوا الله عز وجل إلى ما دعاهم إليه من التوحيد والطاعة الحسنى، أي: المثوبة الحسنى وهي الجنة، واستجاب وأجاب بمعنى. ﴿وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا﴾ مبتدأ خبره ﴿لَوْ﴾ مع ما في حيزه.

(١) كذا في الصحاح (جفأ).
(٢) باللام، وانظرها في معاني النحاس ٣/ ٤٨٩. ومختصر الشواذ/ ٦٦/. والكشاف ٢/ ٢٨٥. والمحرر الوجيز ١٠/ ٣٤.
(٣) كذا حكى عنه ابن خالويه، والزمخشري. وقال ابن عطية نقلًا عن أبي حاتم أيضًا: لا تعتبر قراءة الأعراب في القرآن.


الصفحة التالية
Icon