والجمهور على كسر النون (فنِعم)، وقرئ: (فَنَعْمَ) بفتحها (١)، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب أن أصلَ نِعْمَ: نَعِمَ كعَلِمَ، وأَنَّ فيه وما كان على وزنه وثانيه حرفٌ حَلْقِيّ أربع لغات: نَعِمَ ونَعْمَ ونِعِمَ ونِعْمَ، وأوضحته فأغنى عن الإعادة هنا (٢).
﴿اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (٢٦) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (٢٧) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ﴾ الحياةُ: مبتدأ، و ﴿مَتَاعٌ﴾ خبره، أي: وما الحياة الدنيا في جنب نعيم الآخرة إلا متاع، أي: إلا قليل ذاهب يُتَمَتَّعُ به قليلًا ثم يفنى.
وقوله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾ إما النصب على البدل مِن ﴿مَنْ﴾ في قوله: ﴿مَنْ أَنَابَ﴾، أو الرفع على: هم الذين. و ﴿بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ يحتملُ أن يكون من صلة قوله: (تطمئن)، أي: الطمانينة تحصل لهم بذكر الله، وهو القرآن (٣). وقيل: بذكر رحمته ومغفرته بعد القلق والاضطراب من خشيته (٤). وأن يكون حالًا من القلوب، أي: تطمئن وفيها ذكر الله، أي: ملتبسًا به.
(٢) انظر إعرابه للآية (٢٧١) من البقرة.
(٣) هذا قول مجاهد كما في النكت والعيون ٣/ ١١٠.
(٤) هذا من كلام الزمخشري ٢/ ٢٨٧. وهو بمعنى كلام ابن عيسى، قال: بوعد الله لهم. انظر النكت والعيون الموضع السابق.