أحدهما: بمعنى (يعلم)، قيل: وهي لغة طائفة من النَّخَع (١). وقيل: لغة هوزان (٢). قال الشاعر:

٣٥٥ - أَلَمْ ييئسِ الأقوامُ أَني أنا ابنُهُ وإنْ كنتُ عن أرضِ العشيرةِ نائيًا (٣)
أي: ألم يعلم. وقال آخر:
٣٥٦ - أقولُ لاهلِ الشِّعْبِ اذ يَيْسِرُونني أَلَم تَيْئَسُوا أني ابنُ فارسِ زَهْدَمِ (٤)
أي: ألم تعلموا. قيل: وإنما استعمل اليأس بمعنى العلم لتضمنه معناه، لأن اليائس عن الشيء عالم بأنه لا يكون، كما استعمل الرجاء في معنى الخوف، والنسيان في معنى الترك لتضمن ذلك (٥).
والمعنى: ألم يعلم المؤمنون أن الله تعالى لو شاء لهدى الناس جميعًا إلى دينه فلم يبق كافر؟ كقوله: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ (٦)، تعضده قراءة من قرأ: (أفلم يتبين الذين آمَنوا) وهو علي ابن أبي
(١) حكاه الفراء ٢/ ٦٤ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنها لغة للنخع. وانظر معاني الزجاج ٣/ ١٤٩. وجامع البيان ١٣/ ١٥٣. والصحاح (يئس).
(٢) حكاه الطبري ١٣/ ١٥٤ عن القاسم بن معن أنها لغة هوازن.
(٣) البيت نسبه الماوردي، والقرطبي، وأبو حيان، والسمين لرباح بن عدي، ونُسب في سؤالات نافع بن الأزرق / ٣٧/ إلى مالك بن عوف. وانظر البيت في جامع البيان ١٣/ ١٥٣. والمحتسب ١/ ٣٥٧. والنكت والعيون ٣/ ١١٣. وأساس البلاغة (يئس). ومفاتيح الغيب ١٩/ ٤٣. وجامع القرطبي ٩/ ٣٢٠. والبحر المحيط ٥/ ٣٩٢.
(٤) البيت لسحيم بن وثيل اليربوعي، وقيل لابنه. وانظره في مجاز القرآن ١/ ٣٣٢. والمعاني الكبير ٢/ ١١٤٨. ومشك القرآن / ١٩٢/. ومعاني الزجاج ٣/ ١٤٩. وجامع البيان ١٣/ ١٥٣. ومعاني النحاس ٣/ ٤٩٧. والمحتسب ١/ ٣٥٧. والمقاييس، والصحاح، والأساس، واللسان كلها في (يئس). والكشاف ٢/ ٢٨٨. والمحرر الوجيز ١٠/ ٤٢. وزهدم: اسم فرس.
(٥) انظر هذا القول في الكشاف ٢/ ٢٨٨ أيضًا.
(٦) سورة يونس، الآية: ٩٩.


الصفحة التالية
Icon