وقوله: ﴿فِي ضَلَالٍ﴾ محله النصب إما لكونه مفعولًا ثانيًا إن جعلت الرؤية من رؤية القلب، أو على الحال من الكاف إن جعلتها من رؤية العين، أو من الرأي، ومعناه: في ذهاب عن طريق الصواب والحق، من قولهم: ضل الشيء يضل ضلالًا، إذا ضاع وذهب.
﴿أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾: قوله - عز وجل -: ﴿أُبَلِّغُكُمْ﴾ يحتمل أن يكون مستأنفًا، وأن يكون صفة لـ ﴿رَسُولٌ﴾ (١)، وأن يكون حالًا من المستكن في الظرف وهو ﴿مِنْ رَبِّ﴾، والعامل هو الظرف نفسه، ولا يجوز أن يكون حالًا من ﴿رَسُولٌ﴾ وإن كان موصوفًا؛ لعدم العامل.
وَبَلَغَ: فعل يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا نقل بالهمزة أو بتضعيف العين تعدى إلى مفعولين كقوله: ﴿فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ﴾ (٢)، وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ (٣).
وقوله: ﴿وَأَنْصَحُ لَكُمْ﴾ عطف على (أبلغكم)، يقال: نصحته ونصحت له، وتعديته باللام أكثر.
وقوله: ﴿وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (ما) تحتمل أن تكون موصوفة و ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ متعلق بـ ﴿أَعْلَمُ﴾، أي: أعلم من جهة الله أشياء لا علم لكم بها، قد أَوحى إليّ بها، وأن تكون موصولة، و ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ في موضع الحال: إما من ﴿مَا﴾ أو من الذكر الراجع إلى ﴿مَا﴾، ويكون العلم على هذا بمعنى العرفان.
﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾:

(١) من الآية السابقة.
(٢) سورة هود، الآية: ٥٧.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٦٧.


الصفحة التالية
Icon