وقرئ أيضًا: (وتنحاتون) بإشباع الفتحة (١)، والإِشباع بابه النظم.
و﴿بُيُوتًا﴾: يحتمل أن يكون مفعولًا به ثانيًا على تضمين ﴿تَنْحِتُونَ﴾ معنى تتخذون، وأن يكون حالًا من ﴿الْجِبَالَ﴾ على حد: مررت برجل معه صقر صائدًا به غدًا؛ لأنَّ الجبال لا تكون بيوتًا في حال النحت، ونظيره من الكلام: خِطْ هذا الثوبَ قميصًا؛ لأنَّ الثوب لا يكون قميصًا في حال الخياطة.
وجاز أن يكون ﴿بُيُوتًا﴾ حالًا؛ لأنها في معنى معمورة، أو مبنية، ولك أن تجعله مفعولًا به، و ﴿تَنْحِتُونَ﴾ على بابه مقدرًا الجار في الجبال، بشهادة ما جاء في "الحِجْرِ": ﴿وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ﴾ (٢).
وقوله: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ الجمهور على فتح تاء ﴿وَلَا تَعْثَوْا﴾ على أنَّه من عثا يعثو، إذا أفسد، وقرئ: (ولا تِعثوا) بكسرها (٣) على أنه من عَثِي يعثَى بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر تنبيهًا على عين الفعل، وهو لغة لبعض العرب، وقد ذكر في "الفاتحة" (٤)، و ﴿مُفْسِدِينَ﴾: حال.
﴿قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٧٥) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (٧٦) فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾:
قوله - عز وجل -: ﴿الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ﴾ (من قومه): في موضع الحال من الضمير في ﴿اسْتَكْبَرُوا﴾، أي:
(٢) الآية: ٨٢.
(٣) شاذة أيضًا، ونسبت إلى الأعمش. انظر إعراب النحاس ١/ ٦٢٤. والمحرر الوجيز ٧/ ١٠٢.
(٤) يشير إلى قراءة (نِستعين) بكسر النون.