لترعى، وسَرَحَتْ هي بنفسها سُروحًا، يتعدى ولا يتعدى، تقول: سَرَحَتْ بالغداة، وراحتْ بالعشي (١).
وقيل: وإنما قدمت الإراحة على السرح، لأن الجمال في الإراحة أظهر، لِأَنْ تُقْبِلَ عظامًا ضروعها، ملأى بطونها، طوالًا أسنمتها، وليست كذلك عند السرح (٢).
﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ﴾ الهاء في موضع جر بالإضافة عند صاحب الكتاب رحمه الله تعالى وموافقيه، والأصل: بالغينه، حذفت النون للإضافة، وحذفها مع الضمير واجب، وكذلاث التنوين، لأن النون والتنوين يفصلان الضمير، وهو لا يكون إلا متصلًا.
وقال أبو الحسن (٣): بل هو في موضع نصب، واستدل بقوله جل ذكره: ﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ﴾ (٤) وقال: لو لم يكن الكاف في موضع نصب لما عطف عليه ﴿وَأَهْلَكَ﴾ منصوبًا، فلما عطف عليه كذلك عُلم أن الكاف منصوب، لأنه لما اتصل عاقب النون والتنوين، فهو بمنزلة ما لا ينصرف، كقولك: حواج بيت الله، وضوارب زيدًا، فكما لم يمكن تنوين هذا ونصب به، كذلك هذا لما لم يمكن دخول النون ولا التنوين معه منصوبًا.
(٢) هذا تعليل صاحب الكشاف ٢/ ٣٢٢ تقريبًا. وقال الماوردي ٣/ ١٨٠: قدم الرواح على السراح وإن كان بعده لتكامل درها، ولأن النفس به أسر. وانظر هذا المعنى في جواب البغوي ٣/ ٦٢. وابن الجوزي ٤/ ٤٣٠.
(٣) حكاه عنه صاحب البيان ٢/ ٧٥. وصاحب التبيان ٢/ ٧٩٠.
(٤) سورة العنكبوت، الآية: ٣٣.