قوله: ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ﴾ انتصاب ﴿مَوَاخِرَ﴾ على الحال من ﴿الْفُلْكَ﴾ لا أنه مفعول ثان لـ (تَرَى) كما زعم بعضهم، لأن (تَرَى) [هنا] من رؤية العين لا من رؤية القلب، أي: جواريَ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (١) يقال: مَخَرتِ السفينةُ تَمخُر، وتمخُر مخْرًا ومُخورًا، إذا جرت تشُق الماء بجُؤجُئِها، فهي ماخِرةٌ، والجمع مواخِر. وعن مجاهد: مصوتة بهبوب الريح فيها، والمخرُ: صوت هبوب الريح (٢).
و﴿فِيهِ﴾: يحتمل أن يكون متعلقًا بمواخر، وأن يكون حالًا من المنوي فيه.
﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (١٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾ أي: كراهة أن تميد بكم، والميد: الحركة والاضطراب، والميد: الميل أيضًا، ومنه: مادت الأغصان، إذا تمايلت.
وقوله: ﴿وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا﴾ أي: وجعل فيها أنهارًا وسبلًا ﴿وَعَلَامَاتٍ﴾ أي: ووضع فيها علامات، ولك أن تعطف المذكورات على ﴿رَوَاسِيَ﴾ لأن (ألقى) فيه معنى جعل، بشهادة قوله: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (٦) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ (٣). والعلامات: المعالم، والمَعْلم: ما يستدل به على الطريق من جبل ومَنهل وغير ذلك.
وقوله: ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ و (بِالنَجْمِ) من صلة (يهتدون). والجمهور على فتح النون وإسكان الجيم على لفظ الواحد، والمراد به الجنس
(٢) النكت والعيون ٣/ ١٨٢. وجؤجؤ السفينة: صدرها.
(٣) سورة النبأ، الآيتان: ٦ - ٧. وكون (ألقى) بمعنى جعل: هو كلام جمهور المفسرين كأبي عبيدة، والزجاج، والطبري، والنحاس، والزمخشري...