يُسَمّ فاعله، وهي موصولة، و ﴿يُضِلُّ﴾ صلتها، والعائد عليها من صلتها محذوف، وهو مفعول ﴿يُضِلُّ﴾، والراجع إلى اسم (إنَّ) الذكرُ الذي في ﴿يُضِلُّ﴾، والمعنى: مَنْ يضله الله لا يُهدَى، أي: لا يهديه أحد، كقوله: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ﴾ (١)، وقوله: ﴿فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ (٢)، أي من بعد إضلال الله إياه، وتعضد هذه القراءة قراءة من قرأ: (فَإِنَّ الله لَا هَادِيَ لِمَنْ يُضِلُّ) و (لمَنْ أضل) وهو: أبي بن كعب - رضي الله عنه - (٣)، أي: إذا أضل الله عبدًا لا يهديه أحد.
ومن قرأ: (لا يَهْدي) على البناء للفاعل، فـ ﴿مَنْ﴾ في موضع نصب به وهو مُسْتَقْبَلُ هَدَى. ويحتمل أن يكون ﴿لَا يَهْدِي﴾ بمعنى لا يهتدي، تعضده قراءة من قرأ: (فإن الله لا يهَدِّي) بفتح الهاء وتشديد الدال وهو عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - (٤). يقال: هداه الله فهُدِي، فتكون ﴿مَنْ﴾ في موضع رفع بفعلها، فالراجع إلى اسم (إنَّ) على الوجه الأول: المنوي في ﴿لَا يَهْدِي﴾ وعلى الثاني: المستكن في ﴿يُضِلُّ﴾ كما كان ذلك في قراءة من ضم الياء في (لَا يُهْدَى).
وقوله: ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ ابتداء وخبر.
﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨)﴾:
(٢) سورة الجاثية، الآية: ٢٣.
(٣) كُتبت هذه القراءة جملة واحدة متصلة في (ط). والكشاف ٢/ ٣٢٩. وقد فصلتها كما ترى على أنها قراءتان كما في مختصر الشواذ / ٧٣/. ولم يذكر الفراء ٢/ ٩٩. والنحاس في المعاني ٤/ ٦٥. وابن عطية ١٠/ ١٨٣ إلا القراءة الثانية هكذا (لا هادي لمن أضل).
(٤) انظر قراءته في معاني الفراء، ومعاني النحاس، والكشاف، والمحرر الوجيز المواضع السابقة. وقد حكى بعضهم كسر الهاء. فإن صح النقل فيكون ذلك على الإتباع. هذا وقد تقدم مثل هذه القراءة في الآية (٣٥) من "يونس".