﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا﴾ في موضع رفع بالابتداء، والخبر ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾، أو في موضع نصب بفعل مضمر يفسر هذا الظاهر، و ﴿حَسَنَةً﴾ صفة إما لمعنى محذوف، أي: تَبْوِئَةً حسنة، أو لعين، أي: دارًا أو بقعةً حسنةً، لأن التبوئة في معنى الإنزال.
وقرئ: (لَنُثْوِيَنَّهُمْ حسنة) (١)، أي: إثواء حسنة، أو دارًا حسنة.
وقوله: ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾ إما الرفع على البدل من (الذين هاجروا) على الوجه الأول، أو على: هم الذين صبروا. أو النصب إما على البدل من (الذين هاجروا) على الوجه الثاني، أو من الهاء والميم في ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾، أو على تقدير أعني.
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بِالْبَيِّنَاتِ﴾ فيما يتعلق به الباء أوجه:
أحدها: متعلق بـ ﴿أَرْسَلْنَا﴾ أي: وما أرسلنا إلا رجالًا بالبينات، كقولك: ما ضربت إلا زيدًا بالسوط، وقوله:

٣٨٦ - نُبِّئْتُهُمْ عَذَّبُوا بالْنَّارِ جَارَتَهُمْ وَلَا يُعَذِّبُ إِلَّا اللهُ بِالنَّارِ (٢)
(١) قرأها علي - رضي الله عنه -. انظر المحتسب ٢/ ٩. والكشاف ٢/ ٣٢٩. والمحرر الوجيز ١٠/ ١٨٧ ونسبها ابن عطية أيضًا إلى ابن مسعود - رضي الله عنه -، ونعيم بن ميسرة، والربيع بن خشيم.
(٢) انظر هذا البيت بدون نسبة أيضًا في معاني الفراء ٢/ ١٠١. وجامع البيان ١٤/ ١١٠. والتبيان ٢/ ٧٩٦. والبحر المحيط ٥/ ٤٩٤.


الصفحة التالية
Icon