فنحو: العويل والزئير، والفُعَالُ أكثر، انتهى كلامه (١).
﴿ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ﴾ الجمهور على (كَشَفَ)، وقرئ: (كاشَفَ) على فاعَل (٢)، بمعنى: فَعَلَ، كطَارَقْتُ النعل، أي: طرقتها وشبهه، قيل: وفاعَلَ أقوى من فَعَل وإن كان بمعناه، لأن بناء المغالبة يدل على المبالغة (٣). والمعنى: أن الله سبحانه إذا كشف الضُّرَ الذي تجأرون منه، صار فريق منكم يشركون بربهم، بعد ما كانوا يتضرعون إليه في كشفه عنهم. واخْتُلِفَ فيهم، فقيل: هم المشركون. وقيل: المنافقون (٤).
و(مِنْ) في قوله ﴿مِنْكُمْ﴾ يجوز أن يكون للتبيين إن كان الخطاب خاصًا، وأن يكون للتبعيض إن كان عامًا.
﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥) وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾ يجوز أن تكون هذه اللام لام كي متعلقة بقوله: ﴿يُشْرِكُونَ﴾، أي: ليجحدوا بما أعطيناهم من النعمة، كأنهم جعلوا غَرَضَهُمْ في الشرك كفران النعمة، وأن تكون لام أمر (٥)، وهو أبلغ من جهة التهديد والوعيد.
وقوله: ﴿فَتَمَتَّعُوا﴾ الجمهور على التاء التي بعد الفاء، وهو أمر،
(٢) قرأها قتادة كما في مختصر الشواذ / ٧٣/ والمحتسب ٢/ ١٠ والكشاف ٢/ ٣٣٢. والمحرر الوجيز ١٠/ ١٩٧.
(٣) قاله الزمخشري في الموضع السابق.
(٤) اقتصر ابن عطية ١٠/ ١٩٧ على الأول. وحكى ابن الجوزي ٤/ ٤٥٧ الثاني عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. وقال الزجاج ٣/ ٢٠٤: هذا خاص فيمن كفر به.
(٥) جوزها الزمخشري ٢/ ٣٣٢. وابن عطية ١٠/ ١٩٧.