وقوله عز وجل: ﴿ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا﴾ ﴿مَثَلًا﴾ مفعول ﴿ضَرَبَ﴾، ومعنى ضربه: ذكره ووصفه. وفي قوله: ﴿عَبْدًا﴾ وجهان:
أحدهما: بدل من (مثل).
والثاني: على حذف مضاف، أي: مثلًا مثل عَبْدٍ، فحذف المضاف، و ﴿مَمْلُوكًا﴾: نعت لعبد.
وقوله: ﴿لَا يَقْدِرُ﴾ صفة أخرى لعبد، أو حال منه لكونه قد وصف، أو من المنوي في ﴿مَمْلُوكًا﴾.
وقوله: ﴿وَمَنْ رَزَقْنَاهُ﴾ عطف على عبد، وهي نكرة موصوفة، أي: ضرب الله مَثَلًا عبدًا مملوكًا وحرًا رزقناه، ولك أن تجعلها موصولة، والأول أمتن ليشاكِل ﴿عَبْدًا﴾.
وقوله: ﴿سِرًّا وَجَهْرًا﴾ مصدران في موضع الحال من المستكن في ﴿يُنْفِقُ﴾، وقد ذكر في غير موضع فيما سلف من الكتاب نظيرهما (١).
﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٧٦) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٧٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ﴾ أي: ثِقْلٌ وَعِيَالٌ عليه، يقال: كَلَّ على الأمر يَكِلُّ كَلًّا (٢)، إذا ثَقُلَ عليه، ولم ينبعث فيه، وكَلَّ السيف والريح واللسان أيضًا، إذا لم ينبعث في القول لِغلظه وذَهَاب حَدِّهِ،
(٢) في الصحاح (كلل) جاء المصدر هنا: (كلالة).