﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٩١)﴾:
قوله عز وجل: ﴿يَعِظُكُمْ﴾ يحتمل أن يكون في موضع الحال من المنوي في ﴿وَيَنْهَى﴾ أي: وينهى محذِّرًا، وأن يكون مستأنفًا.
وقوله: ﴿بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ المصدر مضاف إلى المفعول، أي: بعد توثيقها باسم الله. وقيل: بعد تغليظها وتشديدها بالعقد عليه بخلاف لغوِ اليَمِين (١)، ووكَّدَ يوكد توكيدًا، وأكَّدّ يؤكّد تَأْكِيدًا لغتان فاشيتان (٢).
وقوله: ﴿وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا﴾ محل الجملة النصب على الحال إما من الضمير في ﴿وَلَا تَنْقُضُوا﴾، أو من فاعل المصدر الذي هو توكيدها، و ﴿كَفِيلًا﴾ مفعول ثان، أي: شاهدًا.
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٩٢) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَنْكَاثًا﴾ جمع نِكْثٍ وهو ما نُقض من الغزل بعد الفَتْل، وهو بمعنى المنكوث، أي المنقوض، وانتصابه إما على الحال من

(١) كون التوكيد بالعقود قاله الإمام الطبري ١٤/ ١٦٤ - ١٦٥ ورجحه. وكونه بالحلف: هو قول مجاهد، واقتصر عليه الزمخشري ٢/ ٣٤٢.
(٢) انظر معاني الزجاج ٣/ ٢١٧. قال: والأصل الواو، والهمزة بدل منها. وانظر الصحاح (وكد).


الصفحة التالية
Icon