لقلتهم [وكثرتكم، أو قلتكم] وكثرتهم (١).
وقوله: ﴿إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ﴾ اختلف في الضمير ﴿بِهِ﴾، فقيل: للعهد (٢)، وقيل: للتكاثر دل عليه ﴿أَرْبَى﴾ (٣)، وقيل: لقوله: ﴿أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ﴾، لأنه في معنى المصدر (٤)، أي: إنما يختبركم بكونكم أربى لننظر أتمسكون بحبل الوفاء أم لا؟ وأحسن من هذا أن يكون الضمير للكثرة والقلة، دل عليهما معنى الآية على تأويل (ذلك)، و (ذلك) يقع على الاثنين بشهادة قوله: ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ (٥).
﴿وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٩٤) وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩٥) مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَتَزِلَّ﴾ منصوب على جواب النهي.
وقوله: (وَلَيَجْزِيَنَّ الذِينَ) قرئ: بالياء النقط من تحته (٦)، حملًا على قوله: ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ﴾، وبالنون (٧)، حملًا على قوله: ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ﴾، لم يختلفوا فيه.
(٢) قاله مكي في المشكل ٢/ ٢١. وحكاه صاحب زاد المسير ٤/ ٤٨٦ عن ابن الأنباري.
(٣) قاله مكي في الموضع السابق. وابن عطية ١٠/ ٢٢٧ بلفظ: يعود على الربا. وعزاه ابن الجوزي في الموضع السابق إلى سعيد بن جبير، وابن السائب، ومقاتل.
(٤) قاله الزمخشري ٢/ ٣٤٢ لم يذكر غيره.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٦٨.
(٦) هي قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٧) قرأها أبو جعفر، وابن كثير، وعاصم. وانظر القراءتين في السبعة / ٣٧٥/. والحجة ٥/ ٧٨. والمبسوط / ٢٦٥/.