وقوله: ﴿وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ﴾ هنا ﴿وَلَا تَكُ﴾ بحذف النون، وفي النمل (١) ﴿وَلَا تَكُنْ﴾ بإثباتها، وقد جاء الأمران في كتاب الله جل ذكره في مواضع شتى، وشهرتها تغني عن ذكرها، فالإثبات هو الأصل، والحذف تخفيف، قيل: وإنما حذف هنا ليشاكل ما قبله، وهو: ﴿وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ (٢)، وأثبت في النمل، تنويهًا على جواز الأمرين.
وقرئ: ﴿فِي ضَيْقٍ﴾ بفتح الضاد وكسرها (٣)، قال أبو علي: قال أبو عبيدة: الفتح تخفيف ضَيِّقٍ، يقال: أمر ضَيِّقٌ، وَضَيْقٌ. وقال أبو الحسن: الضَّيق والضِّيق لغتان في المصدر (٤). كالقول والقيل (٥). وقد أوضحت ذلك في الكتاب الموسوم بالدرة الفريدة في شرح القصيدة.
وقوله: ﴿مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ أي: من أجل مكرهم في إبطال ما جئت به، فإن الله ناصرك، دل عليه قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ﴾.
هذا (٦) آخر إعراب سورة "النحل" والحمد لله وحده
(١) آية (٧٠) منها.
(٢) الآية (١٢٠).
(٣) قرأ ابن كثير وحده بكسر الضاد. وقرأ الباقون بفتحها. انظر السبعة / ٣٧٦/. والحجة ٥/ ٧٩ - ٨٠. والمبسوط / ٢٦٦/.
(٤) كذا حكى أبو علي في حجته ٥/ ٨٠ القولين عن أبي عبيدة، وعن أبي الحسن. وانظر قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ١/ ٣٦٩.
(٥) هذا من تمثيل الزمخشري ٢/ ٣٤٩. وحكى الجوهري - (ضيق) - القولين دون نسبة. وقال الكوفيون ومنهم الفراء: الضَّيق بفتح الضاد في القلب والصدر، والضِّيق بكسر الضاد في الثوب والدار وما يتسع. انظر معاني الفراء ٢/ ١١٥. وإعراب النحاس ٢/ ٢٢٧.
(٦) من (ب) فقط.