لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (١٤)}:
قوله عز وجل: ﴿لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ﴾ قيل: حكاية تقتضي إضمار القول، أو إجراء الإيحاء مجرى القول؛ لأنه ضَرْبٌ منه (١).
وقرئ: (لَيُهْلِكَنَّ) و (لَيُسْكِنَنَّكم) بالياء فيهما النقط من تحته (٢) اعتبارًا لأَوحَى، وأن لفظه لفظ الغيبة، ونحوه قولك: أقسم زيد لَيَخْرُجَنَّ، ولأَخْرُجَنَّ.
وقوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ (ذلك) مبتدأ، والإشارة إلى الموعود به، وهو إهلاك قوم وإسكان قوم، والخبر ﴿لِمَنْ خَافَ﴾، أي: ذلك الأمر كائن من خاف مقامي، أي: مقامه بين يديّ، وهو موقف الحساب، وإنما أضافه إلى نفسه؛ لأنه يقيمه فيه، أو على إقحام المقام.
وقيل: هذا من إضافة المصدر إلى المفعول، كقولك: ندمت على ضربك، أي: على ضربي إياك (٣).
وقيل: المراد: خاف قيامي عليه وحفظي لأعماله (٤).
﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (١٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا﴾ الجمهور على فتح تاء (واستفتَحوا) على لفظ الخبر، على معنى: أن الرسل استنصروا الله، ودعوا على قومهم بالعذاب لما يئسوا من إيمانهم، وهو معطوف على ﴿فَأَوْحَى﴾ (٥).
وقرئ: (واستفتِحوا) بكسر التاء بلفظ الأمر (٦) عطفًا على ما سبق من
(٢) قرأهما أبو حيوة. انظر مختصر الشواذ / ٦٨/. والكشاف ٢/ ٢٩٦. والمحرر الوجيز ١٠/ ٧١.
(٣) قاله الفراء ٢/ ٧١. والطبري ١٣/ ١٩٣. والنحاس في المعاني ٣/ ٥٢٠.
(٤) قاله الزمخشري ٢/ ٢٩٧.
(٥) من الآية (١٣) المتقدمة.
(٦) قرأها ابن عباس - رضي الله عنهما -، ومجاهد، وابن محيصن. انظر مختصر الشواذ / ٦٨/. والمحتسب ١/ ٣٥٩. والمحرر الوجيز ١٠/ ٧٢. وزاد المسير ٤/ ٣٥١.