بصراء، كقولك: أجبن الرجل، إذا كان أصحابُه جبناءَ (١). وقيل: مبصرة، أي: جاعلة الناس بصراء، من قولهم: بصر فلان وَبَصَّرَهُ الله، وأبصره، أي: جعله بصيرًا (٢).
وقوله: ﴿لِتَبْتَغُوا فَضْلًا﴾ من صلة (جعلنا)، والابتغاء: الطلب، وفضل الله: رزقه.
قوله: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ﴾ (كلَّ شيء) منصوب بفعل مضمر دل عليه ﴿فَصَّلْنَاهُ﴾، أي: وفصلنا كل شيء فصلناه، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، ونظيره: ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ﴾ (٣) أي: وألزمنا كل إنسان طائره، أي: عمله (٤). وقيل: ما قدر له (٥). وقيل: حَظَّهُ وَجَدَّهُ (٦).
قال أبو علي: وإنما قيل: لعمله: (طائره)، و (طيره) في بعض القراءة (٧) على حسب تعارف العرب ذلك في نحو قولهم: جرى طائره بكذا، من الخير والشر على طريق الفَأْلِ والطِّيَرَةِ، فخاطبهم الله بما يستعملون، وأعلمهم أنَّ ذلك الأمر الذي يجعلونه بالطائر هو يلزم أعناقهم (٨).
وقوله: ﴿فِي عُنُقِهِ﴾ تأكيد للإِلزام على أن عمله لازم له لزوم القلادة العنق أو الغل، يقال: هذا الشيء في عنقي، أي: لازم.
(٢) حكاه ابن الجوزي ٥/ ١٤ عن ابن الأنباري. وانظر معاني النحاس ٤/ ١٢٩.
(٣) من الآية التالية.
(٤) أخرجه الطبري ١٥/ ٥١ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ومجاهد، وقتادة، وبه قال الفراء ٢/ ١١٨.
(٥) رواه ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. انظر جامع البيان الموضع السابق. ومعاني النحاس ٤/ ١٣٠. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢٦٨.
(٦) قاله أبو عبيدة في المجاز ١/ ٣٧٢. وحكاه عنه الماوردي ٣/ ٢٣٣.
(٧) قرأ الحسن، وأبو رجاء، ومجاهد: (طيره في عنقه). انظر مختصر الشواذ / ٧٥/. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢٦٨. ونسبها ابن الجوزي في الزاد ٥/ ١٥ إلى ابن مسعود وأبي - رضي الله عنهما -.
(٨) انظر كلام أبي علي هذا في حجته ٥/ ٨٨. وفيه زيادة شرح مأخوذة من كلام ابن قتيبة كما في زاد المسير ٥/ ١٥.