وقوله عز وجل: ﴿فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ﴾ (أف) اسم للفعل، ومعناه التضجر والكراهة، وبُني على حركة لسكون ما قبل آخره، وقرئ بالحركات الثلاث منونًا وغير منون مثقلًا (١)، فالكسر فيه على أصل البناء، والفتح للتخفيف، والضم للإتباع، والتنوين للتنكير، وتركه للتعريف.
وقرئ أيضًا: (أُفَ) مخففًا مفتوحًا (٢)، وكان القياس إذا خفف أن يسكن آخره، لأنه لم يلتق فيه ساكنان فيحرك، وإنما بقيت الحركة مع التخفيف تنبيهًا ودلالة على أنه قد كان مثقلًا مفتوحًا.
وفيه لغة أخرى (أُفِّى) ممالًا، وهي التي تقول العامة (إُفِّي) بالياء (٣)، فهذه ثماني لغات فاعرفهن (٤).
قال الشيخ أبو علي - رحمه الله - تعالى: وهو وإن كان في الأصل مصدرًا من قولهم: أُفَّة وتُفَّة، أي: نَتْنًا وَدَفْرًا، فقد سُمِّيَ الفعل به، فلما صار اسمًا للفعل الذي هو أَتَكَرَّهُ وأَتَضَجَّرُ بني.. ثم قال: فإن قلت: ما موضع (أُفٍّ) في هذه اللغات بعد القول؟ هل يكون موضعه نصبًا كما ينتصب المفرد بعده،
(٢) هذه قراءة ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في المحتسب ٢/ ١٨. والمحرر الوجيز ١٠/ ٢٧٨.
(٣) قالها أبو الحسن الأخفش ٢/ ٤٢٢. والزجاج ٣/ ٢٣٤. وحكاها النحاس في الإعراب ٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨ عن الأخفش. وذكرها ابن عطية ١٠/ ٢٧٨ عن الأخفش الكبير وهي للأوسط كما ذكرت والله أعلم. وضبطها ابن الجوزي في زاد المسير ٥/ ٢٣ بتشديد الفاء وبياء، ونسبها إلى أبي العالية، وأبي حصين الأسدي.
(٤) قال السمين ٧/ ٣٤١: أوصلها الرماني إلى تسع وثلاثين، وذكر ابن عطية لفظة بها تمت الأربعون.