﴿تَرْجُوهَا﴾ حالًا أيضًا، أي: راجيًا إياها، و ﴿مِنْ رَبِّكَ﴾ من صلة ﴿تَرْجُوهَا﴾ وقُدِّم للاهتمام، و ﴿تُعْرِضَنَّ﴾ فعل الشرط، والجواب ﴿فَقُلْ لَهُمْ﴾.
وقد جوز أن يكون قوله: ﴿ابْتِغَاءَ﴾ متعلقًا بجواب الشرط مقدمًا عليه، أي: فقل لهم قولًا سهلًا لينًا، وعِدْهم وعدًا جميلًا، رحمة لهم وتطييبًا لقلوبهم ابتغاء رحمة من ربك (١). والوجه هو الأول لسلامته من هذا التعسف وتغيير النظم من غير اضطرار ولا احتياج.
﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا (٢٩) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (٣٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كُلَّ الْبَسْطِ﴾ انتصابه على المصدر لإضافته إليه.
وقوله: ﴿فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ ﴿فَتَقْعُدَ﴾ منصوب على جواب النهي، و ﴿مَلُومًا﴾ على الحال من المنوي فيه، وكذا ﴿مَحْسُورًا﴾، ولك أن تجعل ﴿مَحْسُورًا﴾ حالًا من المستكن في ﴿مَلُومًا﴾، وقد ذكر نظيرهما فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٢).
والملوم: الذي يلوم نفسه وَيُلامُ، والمحسور: المنقطع به لذهاب ما في يديه، مِن حَسَرَه السفرُ، إذا بلغ منه، وحَسَره بالمسألة، إذا أفنى جميع ما عنده. والمحسور أيضًا: المكشوف، من حَسَر كُمَّهُ عن ذراعه يَحْسِرُهُ حَسْرًا، إذا كشف عنها، ومنه الحاسر، وهو الذي لا مِغْفَر عليه ولا درع، وكلاهما يحتمل هنا.
﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (٣١)﴾:

(١) أجازه الزمخشري ٢/ ٣٥٩. والتعليل بلفظه له.
(٢) كقوله تعالى: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ [البقرة: ٦٥]. وقوله: ﴿لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٦٤].


الصفحة التالية
Icon