﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ أي: بالخصلة أو الطريقة التي هي أحسن، وهي حفظُه عليه وتثميرُه. قيل: وخص مال اليتيم بالنهي عن أخذه، لأن ماله إلى الصون أحوج، لضعفه وعجزه عن حفظ ماله (١).
وقوله: ﴿إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن ناقض العهد كان مسؤولًا عنه، أي: عن الوفاء به.
والثاني: أنَّ العهد كان مسؤولا تعييرًا وتوبيخًا لناقضيه، كقوله: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ﴾ (٢).
والثالث: على أن العهد كان مطلوبًا يطلب من العاهد أَلا يضَيِّعَه ويفي به (٣).
و﴿كَانَ﴾ يفيد الدوام على ما ذكر قبيل (٤).
﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٣٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ﴾ الإيفاء: الإِتمام، والتوفية مثله.
وقوله: ﴿وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ﴾ (القِسطاس) بضم القاف وكسرها لغتان بمعنى: وقد قرئ بهما (٥)، ونظيره: القُرطاس والقِرطاس.
(٢) سورة التكوير، الآية: ٨.
(٣) هذا قول السدي، واقتصر عليه أبو عبيدة ١/ ٣٧٩. والطبري ١٥/ ٨٤. وابن عطية ١٠/ ٢٩١. وانظر الأقوال الثلاثة مجتمعة في النكت والعيون ٣/ ٢٤٢. والكشاف ٢/ ٣٦٠.
(٤) عند إعراب ﴿كَانَ خِطْئًا﴾ من الآية (٣١).
(٥) قرأ الكوفيون غير أبي بكر: (بالقِسطاس) بكسر القاف. وقرأ الباقون: (بالقُسطاس) بضمها. انظر السبعة / ٣٨٠/. والحجة ٥/ ١٠١. والمبسوط / ٢٦٩/.