قوله عز وجل: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ارتفاعه بالابتداء، وخبره محذوف على مذهب صاحب الكتاب - رحمه الله - تعالى، أي: فيما يتلى عليكم مَثَلُ الذين كفروا بربهم (١). وقوله: ﴿أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ﴾ ابتداء وخبر، وهو كلام مستأنف مفسر للمثل، على تقدير سؤال سائل: كيف مثلهم؟ فقيل: أعمالهم كرماد.
وقال غيره: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِم﴾ مبتدأ، و ﴿أَعْمَالُهُمْ﴾ بدل من ﴿مَثَلُ الَّذِينَ﴾ وهو بدل الاشتمال، والخبر ﴿كَرَمَادٍ﴾، أو مثل الذين كفروا بربهم مثل أعمالهم، على البدل أيضًا، إلا أنه على حذف المضاف و ﴿كَرَمَادٍ﴾ الخبر.
وقيل: المعنى: مثل أعمال الذين كفروا بربهم، والجملة خبر عنه، أي: صفة الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد، كقولك: صفة زيد عِرْضُه مصونٌ، ومالُه مبذولٌ.
وقيل: ﴿مَثَلُ﴾ صلة، أي: الذين كفروا بربهم، والجملة خبر للمبتدأ الذي هو ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.
ويجوز في الكلام جر أعمالهم على البدل من ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وهو بدل الاشتمال، والخبر ﴿كَرَمَادٍ﴾.
والوجه هو الأول لسلامته من الدَّخَل والرد، وهو قول صاحب الكتاب - رحمه الله - تعالى (٢).

٣٥٩ - إذا قالتْ حَذامِ فصدِّقُوها فإنَّ القوَلَ ما قالتْ حَذامِ (٣)
(١) تقدم تخريج مثل هذا عند إعرابه للآية (٣٥) من سورة الرعد. وانظر معاني الزجاج ٣/ ١٥٧.
(٢) انظر في هذه الأوجه: الكتاب ١/ ١٤٣. ومعاني الفراء ٢/ ٧٣. ومعاني الزجاج ٣/ ١٥٧. وإعراب النحاس ٢/ ١٨١. ومشكل مكي ١/ ٤٤٧ وهذا أوعبها. وانظر أيضًا البيان ٢/ ٥٦.
(٣) تقدم هذا الشاهد الذي يراد به التسليم والانصياع، انظر الشاهد رقم (١٩٠).


الصفحة التالية
Icon