وفي الكلام حذف مضاف، أي: هلا يأتون على عبادتهم، أو على دعواهم بأنها آلهة، فحذف المضاف. ﴿بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ﴾: أي: بحجة ظاهرة. و ﴿كَذِبًا﴾: نصب بـ ﴿افْتَرَى﴾، ولك أن توقعه موقع افتراء.
﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (١٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ﴾ (إذ) نصب بمضمر تقديره: وقال بعضهم لبعض: إذ اعتزلتموهم، وهذا خطاب من بعضهم لبعض. وفي (ما) ثلاثة أوجه:
أحدها: موصولة، وموضعها نصب عطفًا على الهاء والميم، أي: وإذ اعتزلتم القوم واعتزلتم معبودهم إلا الله، واسم الله منصوب على الاستثناء، وفيه وجهان - أحدهما: متصل، لأن القوم كانوا مُقِرّين بالله ويشركون معه كأهل مكة، أو كان منهم من يعبد الله. والثاني: منقطع، أي: إلا عبادة الله.
والثاني: مصدرية، ومحلها النصب أيضًا عطفًا على المذكور، أي: وإذ اعتزلتموهم وعبادتهم إلا عبادة الله، ويخرّج الاستثناء على الوجهين.
والثالث: أنها نافية عارية عن المحل معترضة بين كلام الفتية، وفي الآية تقديم وتأخير، واسم الله منصوب بـ ﴿يَعْبُدُونَ﴾، والتقدير: وإذا اعتزلتموهم فأووا إلى الكهف، وهو جواب (إذ) عند بعضهم كقولك: إِذْ أَذْنَبْتَ فَتُبْ، ثم أخبر تعالى عن الفتية على وجه المدح والثناء عليهم أنهم لم يعبدوا غير الله، فقال: ﴿وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾.
وقوله: ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾ أي: ويسهل عليكم خوفكم من الملك وعدوانه، فيأتيكم باليسر والرفق.