يومًا لبثتم؟ دل عليه قوله: ﴿لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾.
وقوله: ﴿بِمَا لَبِثْتُمْ﴾ (ما) مصدرية، أي: أعلم بمدة لبثكم.
وقوله: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ﴾ (بورقكم) يحتمل أن يكون من صلة قوله: ﴿فَابْعَثُوا﴾، وأن يكون في موضع الحال.
وقرئ: (بوَرِقكم) بفتح الواو وكسر الراء (١) وهو الأصل مع إظهار القاف على الأصل، وبإدغامها في الكاف (٢) لقرب مخرجيهما.
وقرئ: بإسكان الراء (٣) تَخفيفًا كفَخْذٍ في فَخِذٍ. وبإسكانها وكسر الواو (٤) على نقل حركة العين إلى الفاء استثقالًا للكسرة فيها، كما قيل: في فَخِذٍ وَكَبِدٍ. فِخْذٌ وكِبْدٌ بكسر أولهما على نقل حركة العين إلى الفاء. وأما من قال: فَخْذٌ وَكَبْدٌ بفتح الفاء وإسكان العين فإنه حذف حركة العين حذفًا، ولم ينقلها إلى ما قبلها، وعن بعض القراء: أنه كسر الواو وأسكن الراء وأدغم (٥) وأنكر عليه، لأنه جمع بين الساكنين على غير حدة، وقيل: أخفى كسرة القاف فظنها القارئ مدغمة، ولعمري صدق فيما زعم، لأن القُرّاء يعبرون عن المخفي بالمدغم لعدم اللبس، وذلك في موضعين - أحدهما: أن يكون ما قبل الحرف المدغم ساكنًا صحيحًا. والثاني: أن يكون الحرف

(١) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٢) الجمهور على إظهار القاف، وروي الإدغام عن أبي عمرو كما في السبعة / ٣٨٩/. وعن ابن كثير كما في إعراب النحاس ٢/ ٢٧٠. والكشاف ٢/ ٣٨٣. وعن ابن محيصن كما في مختصر الشواذ / ٧٩/. وعن أبي رجاء كما في المحتسب ٢/ ٢٤.
(٣) يعني (بوَرْقكم). وهي قراءة أبي عمرو، وحمزة، وأبي بكر عن عاصم، وخلف. وانظرها مع القراءة الأولى في السبعة/ ٣٨٩/. والحجة ٥/ ١٣٥ - ١٣٦. والمبسوط / ٢٧٦/.
(٤) يعني (بوِرْقِكم) دون إدغام. وهي قراءة حكاها الزجاج ٣/ ٢٧٥. وذكروها عنه، وانظر المحرر الوجيز ١٠/ ٣٨١.
(٥) هذه قراءة أبي رجاء كما في المحتسب ٢/ ٢٤. والمحرر الوجيز ١٠/ ٣٨١. وابن محيصن كما في مختصر الشواذ / ٧٩/. والكشاف ٢/ ٣٨٣. وإلى الاثنين كما في البحر ٦/ ١١٠.


الصفحة التالية
Icon