في ذلك من الحكمة أطلعنا الناس عليهم (١).
يقال: عَثَر على الشيء عَثْرًا وعُثُورًا، إذا اطّلع عليه. وأَعْثَرَهُ عليه، إذا أطلعه عليه وأعلمه إياه، وهو من العثار بمعنى السقوط، لأن من سقط على شيء وهو غافل عنه، نظر إليه ليعلم ما هو، ثم استعير مكان التبيين (٢).
وقوله: ﴿لِيَعْلَمُوا﴾ أي: ليعلم الذين أطلعناهم عليهم.
وقوله: ﴿إِذْ يَتَنَازَعُونَ﴾ (إذ) ظرف لـ ﴿أَعْثَرْنَا﴾، أي: أعثرناهم عليهم حين يتنازع أهل ذلك الزمان في حقيقة البعث وغيره من أحوالهم، أو ليعلموا.
و﴿بُنْيَانًا﴾: فيه وجهان - أحدهما: هو مفعول ﴿ابْنُوا﴾ وهو جمع بنيانة، أي: ابنوا عليهم بنيانًا يسترهم عن الناس بأن تجعلوهم وراء ذلك البنيان. والثاني: هو مصدر.
﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (٢٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿سَيَقُولُونَ﴾ قيل: الضمير فيه لمن خاض في قصتهم في زمن رسول الله - ﷺ - (٣).
﴿ثَلَاثَةٌ﴾: خبر مبتدأ محذوف، أي: هم ثلاثة، وكذلك ما بعده من خمسة وسبعة.

(١) انظر الكشاف ٢/ ٣٨٤.
(٢) كذا في زاد المسير ٥/ ١٢٢ عن ابن قتيبة.
(٣) وهم نصارى نجران الذين ناظروا رسول الله - ﷺ - في عدة أصحاب الكهف. رواه الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. (زاد المسير ٥/ ١٢٤). وانظر المحرر الوجيز ١٠/ ٣٨٤.


الصفحة التالية
Icon