﴿بِمَا﴾ أي: بالذي أشركتمونيه وهو الله عز وجل. ومعنى إشراكهم الشيطان بالله جل ذكره: طاعتهم له فيما يزينه لهم من المعاصي، والمعنى: إن كفري قبل كفركم، فكيف أنجيكم من العذاب وأغيثكم منه؟.
﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (٢٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ﴾ الجمهور على فتح لام ﴿وَأُدْخِلَ﴾ وهو فعل ماض مبني للمفعول، معطوف على قوله: ﴿وَبَرَزُوا﴾ (١)، وقرئ: (وأُدْخِلُ) برفعها على أنه فعل مضارع (٢)، والهمزة للمتكلم بمعنى: وأدخلهم أنّا - وهو الله عز وجل - على القطع والاستئناف.
وقوله: ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ متعلق بأُدخلَ على قراءة الجمهور، أو بخالدين، وانتصاب ﴿خَالِدِينَ﴾ على الحال من ﴿الَّذِينَ﴾، وأما على قراءة من قرأ: (وأدخلُ) برفع اللام فمتعلق بخالدين.
وقال الزمخشري: هو متعلق بقوله: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ على معنى: إن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم (٣)، أي: بأمره. وما أرى ذلك صوابًا، لأن معمول المصدر لا يتقدم عليه (٤)، والمصدر مضاف إلى المفعول، ويحتمل أن يكون مضافًا إلى الفاعل، على معنى: يُحيِّي بعضُهم بعضًا بإذن ربهم، ويحتمل أن يكون ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ في موضع الحال من المنوي في ﴿خَالِدِينَ﴾، أي: مأذونًا لهم في ذلك.
وأما محل قوله: ﴿تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ النصب على الحال، إما من
(٢) قرأها الحسن، وعمرو بن عبيد. انظر مختصر الشواذ / ٦٨/. والمحتسب ١/ ٣٦١. والكشاف ٢/ ٣٠٠. والمحرر الوجيز ١٠/ ٧٩.
(٣) الكشاف ٢/ ٣٠١.
(٤) كذا أيضًا علل أبو حيان ٥/ ٤٢٠ تخطيئه.