قوله عز وجل: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ﴾ (مثلًا) نصب بقوله: ﴿وَاضْرِبْ﴾، و ﴿رَجُلَيْنِ﴾: بدل منه، وفي الكلام حذف مضاف والتقدير: مَثَلًا مَثَلَ رجلين، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
وقوله: ﴿جَعَلْنَا﴾ يجوز أن يكون تفسيرًا للمثل فلا محل له، وأن يكون في موضع نصب نعتًا لـ ﴿رَجُلَيْنِ﴾. و ﴿مِنْ أَعْنَابٍ﴾ في موضع النعت لـ ﴿جَنَّتَيْنِ﴾.
وقوله: ﴿وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ﴾ أي: وجعلنا النخل مطيفًا بالجنتين محيطًا بجوانبهما، والحف: الإحاطة بالشيء، وحَفَّ يتعدى إلى مفعول واحد بغير الجار، وإلى الثاني به.
﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (٣٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ﴾ مبتدأ وخبره: ﴿آتَتْ﴾، وأُفْرِد حملًا على اللفظ، لأن ﴿كِلْتَا﴾ مفرد اللفظ مثنى المعنى، كما أَنَّ (كُلًّا) مفرد اللفظ مجموع المعنى؛ ولو قيل: آتتا على المعنى لجاز (١). وكلتا تأنيث كلا، وليست التاء للتأنيث؛ لأن تاء التأنيث لا يكون ما قبلها ساكنًا، بل التاء بدل من الواو عند الجمهور، وأصله: كِلْوَى، والألف فيه للتأنيث (٢).
وقوله: ﴿وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا﴾ أي: ولم تنقص من ثمرها المعهود شيئًا.
وقوله: ﴿وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾ الجمهور على تشديد قوله: ﴿وَفَجَّرْنَا﴾ للمبالغة والكثرة، وقرئ: بالتخفيف (٣) وهو أصل الفعل. وانتصاب قوله:

(١) في غير القرآن طبعًا. وانظر في جواز ذلك معاني الفراء ٢/ ١٤٢. ومعاني الزجاج ٣/ ٢٨٤ - ٢٨٥. وإعراب النحاس ٢/ ٢٧٤.
(٢) حكاه الجوهري (كلى) عن سيبويه.
(٣) قرأهما يعقوب برواية روح وزيد كما في المبسوط / ٢٧٧/. ونسبت إلى سلام، وعيسى بن عمر، والأعمش. انظر مختصر الشواذ / ٧٩/. والمحرر الوجيز ١٠/ ٤٠٠. والإتحاف ٢/ ٢١٤.


الصفحة التالية
Icon