﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا (٤٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ﴾ قرئ: بالتاء النقط من فوقه لأجل تأنيث لفظ ﴿فِئَةٌ﴾، وبالياء النقط من تحتها (١) لأجل الحائل وهو ﴿لَهُ﴾، أو لأجل أن التأنيث غير حقيقي، أو حملًا على المعنى، لأن الفئة: الرجال أو القوم.
وقوله: ﴿يَنْصُرُونَهُ﴾ في موضع الصفة لفئة، وهو محمول على المعنى دون اللفظ، ولو حمل على اللفظ لقيل: تنصره، كقوله: ﴿فِئَةٌ تُقَاتِلُ﴾ (٢).
﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا (٤٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ﴾ (هنالك) هنا يحتمل أن يكون ظرف زمان، أي: في ذلك الوقت، وأن يكون ظرف مكان، أي: في ذلك المقام، وفي عامله وجهان:
أحدهما: ﴿مُنْتَصِرًا﴾ على معنى: وما كان ممتنعًا لقوته هنالك من عذاب الله، فيوقف عليه، ويُبتدَأ بقوله: ﴿الْوَلَايَةُ لِلَّه﴾، فـ ﴿الْوَلَايَةُ﴾: مبتدأ، و ﴿لِلَّهِ﴾: الخبر.
والثاني: هو ظرف للخبر الذي هو ﴿لِلَّهِ﴾ ومعمول له، وقُدِّم الظرفُ الذي هو معمول الخبِر على المبتدأ للاهتمام به كما قُدم في قوله جلَّ ذكره: ﴿وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾ (٣)، ﴿وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ﴾ (٤)، ﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ (٥)، و ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ (٦) وما أشبه ذلك.

(١) قرأها حمزة، والكسائي، وخلف. والباقون على التاء النقط من فوقه. انظر السبعة / ٣٩٢/. والحجة ٥/ ١٤٩. والمبسوط / ٢٧٨/.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٣.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٤.
(٤) سورة التوبة، الآية: ١٧.
(٥) سورة الذاريات، الآية: ١٨.
(٦) سورة الرحمن، الآية: ٢٩.


الصفحة التالية
Icon