وَتَرَى} للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير، ليعاينوا تلك الأهوال والعظائم (١).
وقوله: ﴿فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ أي: فلم نترك منهم أحدًا، يقال: غَادَرَهُ يُغَادِرُهُ مُغَادَرَةً، وَأَغْدَرَهُ يُغْدِرُهُ إِغْدَارًا، إذا تركه، ومنه الغدر: ترك الوفاء، والغدير: ما غادره السيل (٢).
﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (٤٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا﴾ انتصاب قوله: ﴿صَفًّا﴾ على الحال من الضمير في ﴿وَعُرِضُوا﴾ أي: وأظهروا مصطفين أو مصفوفين، يقال: عَرَضْتُه فأعرض، أي: أظهرته فظهر، ومنه قوله جل ذكره: ﴿وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا﴾ (٣) أي: أظهرناها حتى رآها الكفار، وقوله:
٤٠٣ - وَأَعْرَضَتِ اليَمَامَةُ واشْمَخَرَّتْ | كَأَسْيَافٍ بأَيْدِي مُصْلِتِيْنَا (٤) |
وقوله: ﴿لَقَدْ جِئْتُمُونَا﴾ أي: قلنا لهم، أو يقال لهم: ﴿لَقَدْ جِئْتُمُونَا﴾، والقول المقدر مع ما اتصل به في موضع الصفة لقوله: ﴿صَفًّا﴾، أي: عرضوا على ربك صفًا مقولًا لهم.
وقوله: ﴿كَمَا خَلَقْنَاكُمْ﴾ محل الكاف النصب إما على النعت لمصدر
(٢) كذا في الكشاف الموضع السابق أيضًا.
(٣) الآية (١٠٠) من هذه السورة.
(٤) لعمرو بن كلثوم من معلقته. وانظره في شرح المعلقات السبع الطوال / ٣٨٣/. وشرح القصائد المشهورات ١/ ٩٥. وهو من شواهد العين ١/ ٢٧٢. والمقاييس ٤/ ٢٧٢. والصحاح (عرض).