أو من الراجع المحذوف إلى ﴿مَا﴾، لا من الضمير في ﴿وَجَدُوا﴾ كما زعم بعضهم، أي: مكتوبًا مثبتًا ذكره في الصحف، أو جزاء ما عملوه.
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا (٥٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ أي: واذكر إذ قلنا.
وقوله: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ﴾ نصب على الاستثناء، والاستثناء متصل عند قوم ومنقطع عند آخرين على ما ذكر في "البقرة" وأُوضح (١).
وقوله: ﴿كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾ فيه وجهان:
أحدهما: كلام مستأنف جارٍ مجرى التعليل بعد استثناء إبليس من الساجدين، كأن قائلًا قال: ما له لم يسجد؟ فقيل: كان من الجن.
والثاني: في موضع الحال، وقد مرادة معه، أي: وقد كان من الجن.
وقوله: ﴿فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ قيل: الفاء للتسبيب أيضًا، جعل كونه من الجن سببًا في فسقه، يعني أنه لو كان مَلَكًا كسائر من سجد لآدم - عليه السلام - لم يفسق عن أمر الله، لأنَّ الملائكة معصومون البتة لا يجوز عليهم ما يجوز على الثقلين، وعلى الوجه الثاني: عطف على ﴿كَانَ﴾ وحكمه في الإعراب حكمه، وقد ذكر أنَّ ﴿كَانَ﴾ في موضع الحال على إرادة قد.
وقوله: ﴿وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾ محل الجملة النصب على الحال من الضمير المنصوب في قوله: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ﴾ والذرية، أي: أفتتخذونهم معادين لكم؟

(١) وذلك على حسب الاختلاف في كون إبليس من الملائكة أم لا. وانظر إعراب الآية (٣٤) من سورة البقرة.


الصفحة التالية
Icon