وقوله: ﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾ قيل: فإن قال قائل: وهل يجادل غير الإنسان؟ فالجواب في ذلك: أن إبليس جادل، وأن كل ما يعقل من الملائكة والجن يجادل، ولكن الإنسان أكثر هذه الأشياء جدلًا، يعني: أَنَّ جَدَلَ الإنسان أكثر من جدل كل شيء ممن يأتي منه الجدل. و ﴿جَدَلًا﴾: منصوب على التمييز.
﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (٥٥)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا﴾ (أن) الأولى مع صلتها في موضع نصب مفعول ثان لـ ﴿مَنَعَ﴾، و ﴿وَيَسْتَغْفِرُوا﴾ عطف عليها، و ﴿أَنْ﴾ الثانية مع صلتها في موضع رفع فاعله، وقبلها مضاف محذوف تقديره ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ﴾ يعني: أهل مكة الإيمان والاستغفار، أي: من الإيمان والاستغفار إذا طلب، أو انتظار إتيان سنة الأولين وهي العذاب، أو انتظار أن يأتيهم العذاب قبلًا، و ﴿إِذْ﴾ ظرف لقوله: ﴿أَنْ يُؤْمِنُوا﴾ و ﴿مَا﴾ في قوله: ﴿وَمَا مَنَعَ﴾ نافية، وقيل: استفهامية (١).
وقرئ: (قِبَلًا) بكسر القاف وفتح الباء (٢)، وفيه وجهان - أحدهما مصدر في موضع الحال، أي: عيانًا، أو مقابلة، أي: معاينة. والثاني: ظرف، كقولك: لِي قِبَلَهُ حَقٌّ.
وقرئ: (قُبُلًا) بضم القاف والباء (٣)، وفيه وجهان أيضًا، أحدهما:

(١) كذا أيضًا في البحر ٦/ ١٣٩.
(٢) هذه قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، ويعقوب، ونافع، وابن عامر. انظر السبعة / ٣٩٣/. والحجة ٥/ ١٥٢. والمبسوط ٢٠٠ - ٢٠١. والتذكرة ٢/ ٤١٥.
(٣) وهي قراءة الخمسة الباقين من العشرة. انظر مصادر الأولى.


الصفحة التالية
Icon