كان على فَعَل يَفْعِلُ فالمصدر مفعَل بفتح العين في الأمر العام، والزمان والمكان مفعِل بكسر العين. والمصدر مضاف إلى الفاعل، أي: وجعلنا لهلاكهم موعدًا، أو إلى المفعول من غير أن يذكر معه الفاعل، كقوله: ﴿مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ (١) أي: من دعائه الخير على ما حكي من أن تميمًا يقولون: هلكني زيد (٢)، كأنهم جعلوه من بابِ شجب فلان وشجبته، وسكب الماء وسكبته، أي: وجعلنا لهلاكنا إياكم موعدًا.
وقرئ بفتح الميم وكسر اللام (٣) وهو مصدر أيضًا كالمرجع، والوجهان في إضافته جائزان، أو زمان، أي: لوقت هلاكهم، والموعد وقت أو مصدر.
﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (٦٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ﴾ أي: واذكر يا محمد إذ قال موسى لعبده. وقيل: هو يوشع بن نون، وكان يصحبه ويسعى في حاجته، فلذلك قيل: فتاه. وقيل: كان يأخذ منه العلم (٤).
وقوله: ﴿لَا أَبْرَحُ﴾ فيه وجهان، أحدهما: هي الناقصة بمعنى: لا أزال، وفي خبرها وجهان:
أحدهما: محذوف، وإنما حذف لأن الحال والكلام معًا يدلان عليه،

(١) سورة فصلت، الآية: ٤٩.
(٢) في (ب): أهلكني زيد.
(٣) أي (لِمَهْلِكهم) وهي قراءة عاصم في رواية حفص. انظرها مع القراءتين السابقتين في السبعة / ٣٩٣/. والحجة ٥/ ١٥٦. والمبسوط / ٢٧٩/.
(٤) انظر في اسمه، ومعنى (فتاه): النكت والعيون ٣/ ٣٢١. وزاد المسير ٥/ ١٦٤. وقال الفراء ٢/ ١٥٤: إنما سمي فتاه لأنه كان لازمًا له يأخذ عنه العلم. وقال الزجاج ٣/ ٢٩٩: إنما سمي كذلك لأنه كان يخدمه.


الصفحة التالية
Icon