أحدهما: كقوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ (١)، وإنما يخرج من أحدهما وهو الأُجاج (٢).
والثاني: على حذف المضاف، والتقدير: نسي أحدهما، فحذف وارتفع الضمير.
وقيل: بل النسيان وقع منهما جميعًا، وذلك أن موسى عليه الصلاة والسلام. نسي تَفَقُّدَ أمر الحوت وما كان منه، والفتى نسى أن يخبره بما كان من شأن الحوت (٣).
وقوله: ﴿فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا﴾ في فاعل الفعل وجهان:
أحدهما: الحوت، أي: فاتخذ الحوت سبيله في البحر سربًا.
والثاني: موسى - عليه السلام -، أي: فاتخذ موسى سبيل الحوت في البحر سربًا.
و﴿سَرَبًا﴾: مفعول ثان لاتخذ، كقولك: اتخذت فلانًا وكيلًا. ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ (٤). والسَّرَبُ: المكان الذي يسرب فيه، أي: يدخل.
وقوله: ﴿فِي الْبَحْرِ﴾ يحتمل أن يكون من صلة قوله: ﴿فَاتَّخَذَ﴾، وأن يكون حالًا من السبيل أو من السرب، وهو في الأصل صفة له، أعني للسرب، فلما قدم عليه نصب على الحال.
وقد جوز أبو إسحاق أن يكون ﴿سَرَبًا﴾ مصدرًا دل عليه (اتخذ)، كأنه قيل: سرب الحوت سربًا (٥). فعلى هذا يكون المفعول الثاني لاتخذ: ﴿فِي الْبَحْرِ﴾.

(١) سورة الرحمن، الآية: ٢٢.
(٢) هذا قول الفراء ٢/ ١٥٤.
(٣) قاله الزجاج ٣/ ٢٩٩. والنحاس في المعاني ٤/ ٢٦٥ - ٢٦٦. والماوردي في النكت والعيون ٣/ ٣٢٣.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٢٥.
(٥) معانيه ٣/ ٢٩٩.


الصفحة التالية
Icon