قوله عز وجل: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا﴾ (من لدنا) يجوز أن يكون متعلقًا بقوله: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ﴾، وأن يكون حالًا من ﴿عِلْمًا﴾ لتقدمه عليه، و ﴿عِلْمًا﴾ مفعول به ثان لِعَلَّمْنا، وهو من العلم الذي يتعدى إلى مفعول واحد (١)، كقوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ (٢) ولو كان مصدرًا لكان تعليمًا (٣).
﴿قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ قرئ: (رَشَدًا) بفتحتين و ﴿رُشْدًا﴾ بضمة وسكون (٤). وهما لغتان بمعنى. وفي نصبه وجهان:
أحدهما: مفعول له متعلق بقوله: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ﴾ أي: هل أتبعك للرشد؟ أي: لطلب الرشد.
والثاني: مفعول به ثان لـ ﴿تُعَلِّمَنِ﴾، والتقدير: هل أتبعك على أن تعلمني رشدًا مما عُلِّمْتَهُ؟ أي: علمًا ذا رشد أنتفع به في ديني، فحذف الضمير في ﴿عُلِّمْتَ﴾ الراجع إلى الموصول، وهو المفعول الثاني لـ ﴿عُلِّمْتَ﴾. ولا يجوز أن يكون المفعول الثاني، أعني الرد لـ ﴿عُلِّمْتَ﴾ لبقاء الموصول بلا راجع.
وقوله: على الوجه الأول: في موضع الحال من الكاف في {هَلْ
(٢) سورة البقرة، الآية: ٣١.
(٣) انظر التبيان ٢/ ٨٥٥.
(٤) قرأ البصريان بفتحتين، وقرأ الباقون بضمة وسكون. انظر السبعة / ٣٩٤/. والحجة ٥/ ١٥٤ - ١٥٥. والمبسوط / ٢٧٩/. والتذكرة ٢/ ٤١٦.