بمعنى واحد، وهي الطاهرة من الذنوب، إما لأنها طاهرة عنده، لأنه لم يرها قد أذنبت، وإما لأنها صغيرة لم تبلغ الحنث. إلا أن الزكية أشد مبالغة من الزاكية، وقيل: الزاكية: التي لم تذنب، والزكية التي أذنبت ثم غفر لها (١).
وقوله: ﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾ من صلة ﴿أَقَتَلْتَ﴾ وفي الكلام حذف مضاف، أي: بغير قتل نفس، يعني: لم تقتل نفسًا فتقتص منها، ولك أن تجعله في موضع الحال، إما من الفاعل، أي: ظالمًا، أو المفعول لكونه قد وصف، أي: مظلومًا.
وقوله: ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ (شيئًا) مفعول به، أي: أتيت شيئًا منكرًا ينكره أولو النُّهَى، والنكر مصدر، أي: شيئًا ذا نكر، والنُكْرُ والنُكُر لغتان بمعنىً، كالشُّغْلِ والشُّغُلِ والعُنْقِ والعُنُقِ، وقد قرئ بهما (٢).
قيل: فإن قيل: لم قال: ﴿حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا﴾ بغير فاء، و ﴿حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ﴾ بالفاء؟ فالجواب، أنه جعل ﴿خَرَقَهَا﴾ جزاء للشرط، وجعل ﴿فَقَتَلَهُ﴾ من جملة الشرط معطوفًا عليه، والجزاء: ﴿قَالَ أَقَتَلْتَ﴾ (٣).
﴿قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٧٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا﴾ أي: بعد هذه المرة، أو الكَرَّةِ، أو المسألة، أو الفعلة، أو النفس المقتولة.
(١) نسبه الماوردي ٣/ ٣٣٠ إلى أبي عمرو بن العلاء، وكونها للمبالغة هو فيه من قول ثعلب.
(٢) أما (نُكْرًا) بالتخفيف: فهي قراءة ابن كثير، وحمزة، وأبي عمرو، والكسائي، وخلف، وحفص عن عاصم، وإسماعيل عن نافع. وأما (نُكُرًا) بالتثقيل: فقرأها أبو جعفر، وابن عامر، ويعقوب، وأبو بكر عن عاصم، ونافع عدا إسماعيل. انظر السبعة / ٣٩٥/. والحجة ٥/ ١٥٩. والمبسوط / ٢٨٠/.
(٣) القول وجوابه للزمخشري ٢/ ٣٩٨.