الهلاك. و ﴿جَهَنَّمَ﴾ بدل من ﴿دَارَ الْبَوَارِ﴾، أو عطف بيان لها، ولم تنصرف ﴿جَهَنَّمَ﴾، لأنها مؤنثةٌ معرفةٌ.
وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: دار البوار بَدْرٌ (١). فانتصاب ﴿جَهَنَّمَ﴾ على هذا بمضمر، يفسره ما بعده، أي: يَصْلَوْنَ جهنم، ثم فسره بقوله: ﴿يَصْلَوْنَهَا﴾. فإن قلت: ما محل ﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ من الإعراب على الوجهين؟ قلت: أما على الوجه الأول: فمحلها النصب على الحال، إما من القوم، أو من ﴿دَارَ الْبَوَارِ﴾، أو من ﴿جَهَنَّمَ﴾، أو منهما [أو منهم] (٢). كقوله عز وجل: ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ﴾ (٣). ولك أن تجعل (تحمله) حالًا من مريم، وأن تجعله حالًا من عيسى - عليه السلام -، لأن لكل واحد منهما في الحال ذكرًا، وأن تجعله حالًا منهما جميعًا كقوله:

٣٦٥ - فَلَئِنْ لَقِيتُكَ خَالِيَيْنِ لَتَعْلَمًا أيِّي وأيُّكَ فَارِسا الأَحْزَابِ (٤)
وأما على الثاني: فلا محل لها لكونها مفسرة.
وقوله: ﴿وَبِئْسَ الْقَرَارُ﴾ في الكلام حذف مضاف، والمقصود بالذم محذوف، أي: بئس موضع القرار جهنم، وسميت جهنم لعمقها، من قولهم: رَكِيَّةٌ جِهِنَّامٌ، إذا كانت مقعرة (٥).
﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)﴾:
(١) انظر جامع البيان ١٣/ ٢٢٠. والنكت والعيون ٣/ ١٣٦.
(٢) من (أ) فقط.
(٣) سورة مريم، الآية: ٢٧.
(٤) لم أجد من نسبه، وينشد هكذا أيضًا:
فلئن لقيتك خاليين لتعلمن أيي وأيك فارس الأحزاب
وانظره في المحتسب ١/ ٢٥٤. والبيان ٢/ ١٦٧. وأوضح المسالك ٣/ ١٤٢. وحاشية الصبان ٢/ ٢٦١.
(٥) في الصحاح: أي بعيدة القعر. وهذا أوضح، انظر مادة (جهنم).


الصفحة التالية
Icon