أحدهما: هو افتعل من تَخِذَ، كاتَّبَعَ مِنْ تَبِعَ، وليس من الأخذ في شيء عند البصريين.
والثاني: هو افتعل من الأخذ، والأصل: ائتخذ، فقلبت الهمزة الثانية ياء لانكسار ما قبلها كراهة اجتماع الهمزتين، ثم أدغمت الياء في التاء بعد قلبها تاء، كما قيل في افتعل من الوعد، والوزن: اتَّعَدَ واتَّزَنَ، والوجه هو الأول، وقد أوضحت ذلك فيما سلف من الكتاب (١).
﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (٧٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ﴾ ابتداء وخبر، وفي الكلام حذف مضاف، والتقدير: هذا الإنكار عليّ بترك أخذ الأجرة هو سبب فراق بيننا. وقيل: التقدير: هذا الوقت وقت فراق بيننا.
والجمهور على إضافة المصدر إلى الظرف على سبيل السعة كما يضاف إلى المفعول به، قال أبو إسحاق: البين: الوصل، وكرره تأكيدًا، والمعنى: هذا تفريق وصلنا.
وقرئ: بالتنوين، والبين منصوب على الظرف (٢).
﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (٧٩)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ﴾ خبر المبتدأ الذي هو ﴿السَّفِينَةُ﴾، والفاء جواب ﴿أَمَّا﴾. وأما الفاء في ﴿فَأَرَدْتُ﴾ فهي للعطف، وكذا ما بعدهما.

(١) انظر إعرابه للآية (٥١) من البقرة.
(٢) هكذا (هذا فراقٌ بيني وبينَك) وهي قراءة ابن أبي عبلة كما في الكشاف ٢/ ٣٩٩. ونسبها ابن الجوزي ٥/ ١٧٨ إلى أبي رزين، وابن السميفع، وأبي العالية أيضًا.


الصفحة التالية
Icon