والثاني: في موضع رفع على إضمار مبتدأ، أي: إما الجزاء أن تعذب أو أن تتخذ، أو بالعكس، أي: إما التعذيب واقع منك بهم، أو اتخاذ أمر ذي حسن واقع فيهم.
﴿قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (٨٧) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (٨٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى﴾ قرئ: بالرفع مضافًا (١)، ورفعه بالابتداء، و (له) الخبر، أو بله، والتقدير: فله جزاء الأعمال الحسنى، أي: الصالحة، أو الحال الحسنى؛ لأنَّ الأعمال حال. وقيل: الحسنى: الجنة، وأضيف الجزاء إليها وهي الجزاء، كقوله: ﴿حَقُّ الْيَقِينِ﴾ (٢)، ﴿وَلَدَارُ الْآخِرَةِ﴾ (٣).
وقرئ: بالنصب والتنوين (٤)، وفيه وجهان، أحدهما: مصدر في موضع الحال، أي: فله الحسنى مجزيًا بها، والعامل فيه معنى الاستقرار الحاصل من (له)، وذو الحال الهاء في (له)، أي: ثبتت أو استقرت له الحسنى. والثاني: مصدر محض على المعنى، أي: يجزى بها جزاء.
وقرئ أيضًا: بالرفع والتنوين (٥)، على أن الحسنى بدل منه، والحسنى: الجنة، ولك أن ترفع الحسنى، على هذه القراءة على إضمار
(٢) سورة الواقعة، الآية: ٩٥.
(٣) سورة يوسف، الآية: ١٠٩. وانظر القول في معاني الفراء ٢/ ١٥٩. وجامع البيان ١٦/ ١٣.
(٤) قرأها الباقون وهم: حمزة، والكسائي، وحفص، ويعقوب، وخلف. انظر السبعة / ٣٩٨/. والحجة ٥/ ١٧٠. والمبسوط ٢٨٢ - ٢٨٣. والتذكرة ٢/ ٤١٨.
(٥) هذه قراءة ابن أبي إسحاق كما في إعراب النحاس ٢/ ٢٩٢ وقد صحفت فيه. وانظر المحرر الوجيز ١٠/ ٤٤٦. والقرطبي ١١/ ٥٣.