قال أبو علي: والسَّدُّ: مصدر، والسُّدُّ: المسدود (١) وهو معنى قول سيبويه: المضموم الاسم، والمفتوح المصدر (٢). والله تعالى أعلم.
وقوله: ﴿لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا﴾ قرئ: بفتح الياء والقاف (٣)، بمعنى: لا يكادون يفهمون قولًا إلا بجهد ومشقة من إشارة ونحوها كما يفهم البكم.
وقرئ: بضم الياء وكسر القاف (٤)، بمعنى: لا يُفْقِهون السامع أو أحدًا قولًا، فحذف أحد المفعولين (٥) للعلم به، وَحَذْفُ كليهما جائز.
﴿قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ﴾ اختلف فيهما، فقيل: هما اسمان أعجميان، ومنعا من الصرف للعجمة والتعريف (٦). ويجوز همزهما وترك همزهما، وقد قرئ بهما (٧)، ولا اشتقاق لهما لكونهما أعجميين.
وقيل: هما عربيان مأخوذان من أجَّ الظَّلِيم (٨)، إذا أسرع، أو من أجت النار، إذا التهبت، ووزن (يأجوج): يَفْعُول كيربوع، ووزن (مأجوج): مفعول كمعقول، وكلاهما من أصل واحد في الاشتقاق وهو ما ذكر آنفًا،

(١) الحجة ٥/ ١٧١.
(٢) كذا قاله النحاس ٢/ ٢٩٣ عن الخليل وسيبويه، وحكاه عن المبرد أيضًا.
(٣) هذه قراءة أكثر العشرة كما سيأتي.
(٤) أي (يُفقِهون)، وهي قراءة حمزة، والكسائي، وخلف. انظر السبعة / ٣٩٩/. والحجة ٥/ ١٧٢. والمبسوط / ٢٨٣/.
(٥) (فَقِه) يتعدى إلى مفعول واحد، فإذا نقلته بالهمزة تعدى إلى مفعولين كما في هذه القراءة الثانية.
(٦) انظر مجاز القرآن ١/ ٤١٤. ومعاني الزجاج ٣/ ٣١٠. واقتصر الجواليقي / ٣١٧/ و/ ٣٥٦/ على كونهما أعجميين.
(٧) قرأهما بالهمز عاصم وحده. وقرأ الباقون بغير همز فيهما. انظر السبعة / ٣٩٩/. والحجة ٥/ ١٧٢. والمبسوط / ٢٨٣/. والتذكرة ٢/ ٤١٩.
(٨) الظليم: الذَّكر من النَّعام.


الصفحة التالية
Icon