﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (١٠٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَفَحَسِبَ الَّذِينَ﴾ الجمهور على كسر السين وفتح الباء على أنه فعل ماض، و ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ فاعله، وقوله: ﴿أَنْ يَتَّخِذُوا﴾ أن وما اتصل بها سدت مسد مفعوليه، و ﴿عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ﴾ مفعولا الاتخاذ.
وقرئ: (أَفَحَسْبُ الذين كفروا) بإسكان السين ورفع الباء (١) على الابتداء، والخبر ﴿أَنْ يَتَّخِذُوا﴾، ولك أن ترفع ﴿أَنْ يَتَّخِذُوا﴾ على الفاعلية سادة مسد الخبر، على معنى: أفكافيهم ومحسبهم أن يتخذوهم أولياء؟ لأن اسم الفاعل إذا اعتمد على الهمزة أو حرف النفي، ساوى الفعل في العمل، نحو: أقائم أخواك؟ وما ذاهب غلامك. والمعنى: أن ذلك لا يكفيهم ولا ينفعهم عند الله كما حسبوا، واختار هذه القراءة أبو الفتح وغيره، قال: لكونه أذهب في الذم لهم، وذلك لأنه جعله غاية مرادهم، ومجموع مطلبهم، وليست القراءة الأخرى كذا (٢).
وقوله: ﴿أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا﴾ (نزلًا) مفعول ثان، وهو ما يقام للنزيل وهو الضيف، جُعِلت جهنم طعامًا لهم (٣). وقال أبو إسحاق: هو المَنْزِلُ (٤). والمَنْزَلُ: النزول، وهو الحلول، يقال: نزلت نزولًا ومَنْزَلًا (٥).

(١) قرأها الأعشى عن أبي بكر، وزيد عن يعقوب، وهي قراءة علي، وابن عباس - رضي الله عنهم -، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وابن محيصن، وآخرين. انظر المبسوط / ٢٨٥/. والتذكرة ٢/ ٤٢١. ومعا ني الفراء ٢/ ١٦١. وجامع البيان ١٦/ ٣٢. ومعاني النحاس ٤/ ٢٩٧. ومختصر الشواذ / ٨٢/. والمحتسب ٢/ ٣٤. وزاد المسير ٥/ ١٩٦.
(٢) المحتسب الموضع السابق. وممن استجادها: الزجاج ٣/ ٣١٤. والزمخشري ٢/ ٤٠٣.
(٣) كون النزل هو الطعام: قاله قتادة كما في النكت والعيون ٣/ ٣٤٦. وانظر معالم التنزيل ٣/ ١٨٥.
(٤) معانيه ٣/ ٣١٤. وحكاه عنه الماوردي، وابن الجوزي، وابن منظور (نزل)، واقتصر عليه الطبري ١٦/ ٣٢.
(٥) من الصحاح (نزل). وقال في اللسان: ومنزِلًا بالكسر شاذ.


الصفحة التالية
Icon