والثاني: بمعنى قدامي (١)، فعلى الوجه الأول يكون في موضع نصب على الحال من ﴿الْمَوَالِيَ﴾، وهي حال مقدرة محكية، أي: خَفُّوا مُتَوَقَّعًا مُتَصوَّرًا كونهم بعدي. وعلى الثاني: من صلة (خَفَّت)، بمعنى: أنهم خفوا قدامه ودرجوا ولم يبق منهم مَنْ به تَقَوٍّ واعتضاد. و (وراء) يكون بمعنى خلف وبمعنى قدام، وله في التنزيل على هذين المعنيين نظائر (٢).
وعن ابن كثير: (من ورايَ) بالقصر وفتح الياء كعَصاي وهُداي (٣). قال أبو علي: والقصر الذي روي عن ابن كثير لم أعلم أحدًا حكاه من أهل اللغة ولعله لغة، ثم قال: وقد جاء في الشعر من قصر الممدود شيء كثير، وقياسه قياس رد الشيء إلى أصله، انتهى كلامه (٤).
وقوله عز وجل: ﴿وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا﴾ أي: عقيمًا، يقال: عَقُرَتِ المرأةُ تَعْقُرُ بالضم فيهما عُقْرًا وعقارةً، إذا صارت عاقرًا، وهي التي لا تحبل، ورجل عاقر أيضًا: لا يولد له، بَيِّنُ العُقْرِ بالضم، والمعنى: وكنت قانطًا من الولد فيما سلف من الدهر لعقم امرأتي.
وقوله: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا﴾ (من لدنك) فيه وجهان:
أحدهما: توكيد لكونه وليًا مرضيًا بكونه مضافًا إلى الله وصادرًا من عنده، وإلا فهب لي وليًا يرثني كافٍ.
والثاني: أنه أراد: اختراعًا منك بلا سبب، لأني وامرأتي لا نصلح للولادة (٥). والولي: مَن يلي أمر صاحبه من بعده.
(٢) تقدم الحديث عن ذلك عند إعراب الآية (٧٩) من الكهف وخرجته هناك. وانظر نظائر أخرى في الحجة ٥/ ١٨٦ - ١٨٧.
(٣) هذه رواية شبل عنه كما في السبعة / ٤٠٧/. والحجة ٥/ ١٨٦.
(٤) الحجة ٥/ ١٨٨.
(٥) الوجهان بهذا اللفظ لصاحب الكشاف ٢/ ٤٠٥.